صفحة جزء
فصل [فيمن فقد في معترك بين المسلمين]

واختلف في فقيد المعترك بين المسلمين، فقال مالك: ليس في ذلك أجل، وتعتد زوجته من يوم التقاء الصفين قال: وكان أشباه ذلك فيما مضى يوم صفين، ويوم الحرة وقديد وليس كلهم عرف مصرعه، ولم ينزل أمر من فقد منهم إلا على الموت، وقال ابن القاسم مرة مثل ذلك، وقال أيضا: تتربص زوجته سنة ثم تعتد، وقال أيضا: العدة داخلة في السنة، فلم يفرق في هذه الأقوال بين قرب القتال من الديار وبعده، ولا أنه يحتاج في ذلك إلى سلطان.

وقال في العتبية فيما قرب من الديار: يتلوم الإمام لزوجته باجتهاده بقدر [ ص: 2252 ] انصراف من انصرف، وانهزام من انهزم، ثم تعتد وتتزوج، وفيما بعد مثل إفريقية ونحوها تنتظر سنة.

فأدخل نظر الإمام في ذلك، وفرق بين القرب والبعد، وقال في كتاب محمد: ما بعد هو على حكم المفقود؛ تتربص أربع سنين. وقال أصبغ: يضرب لامرأته بقدر ما يستقصى أمره، ويستبرأ خبره، وليس لذلك حد معلوم.

وهذا الجواب في زوجته، وأما ماله فهو على ثلاثة أوجه: فمن قال العدة من يوم التقاء الصفين؛ ورثت منه حينئذ، ومن جعل الزوجة تتربص أربع سنين، وقف ماله إلى التعمير.

واختلف على القول أن زوجته تتربص سنة، فقيل: يقسم ماله ذلك الوقت، وقيل: يوقف إلى التعمير.

وأرى أن يكون الأمر فيه إلى الإمام في القريب والبعيد، فيجتهد ويكشف عن خبره، فإن لم يتبين له حياة حكم أن موته كان عن ذلك القتال، وإن كان القتال أياما أو شهرا فعند انقضاء آخر يوم؛ الحكم في الزوجة والمال سواء؛ لأن الخوف إنما كان من ذلك الالتقاء، ولو علمت سلامته منه لم تطلق عليه عند انقضاء السنة على حكم المفقود. [ ص: 2253 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية