باب في
الظهار إلى أجل وإلى قدوم فلان، ومن قال: أنت علي كظهر أمي اليوم إن دخلت الدار
الظهار على وجهين: مطلق ومقيد:
فالمطلق: ما لم يعلق بشرط كقوله: أنت علي كظهر أمي، لا يزيد على ذلك، وهذا لا ينحل عنه بمرور وقت، ولا يحله إلا الكفارة بعد العودة.
والمقيد: على أربعة أوجه:
أحدها: أن يقول: أنت علي كظهر أمي من اليوم إلى شهر أو إلى سنة.
والثاني: أن يقول: إذا مضى شهر أو سنة فأنت علي كظهر أمي.
والثالث: أن يعلقه بشرط لا يدري أيكون أو لا يكون، كقوله: إلى قدوم فلان، أو ما أشبهه.
والرابع: أن يجعله يمينا، فيقول: إن كلمت فلانا أو دخلت دار فلان فأنت علي كظهر أمي، فإن قال: أنت علي كظهر أمي من الآن إلى شهر أو إلى سنة كان في المسألة قولان، فقال في المدونة: يلزمه الظهار، وإن خرج ذلك الوقت. يريد: وإن لم يعد قبل ذلك في الأجل.
وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف في مختصر ما ليس في المختصر أنه قال: لا شيء عليه إذا
[ ص: 2300 ] خرج الأجل قبل أن يعود، وفرق بينه وبين الطلاق.
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثل ذلك، وهو أحسن، لحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=663491سلمة بن صخر أنه ظاهر من زوجته حتى يمضي رمضان، فلما مضى النصف وقع عليها ليلا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "أعتق رقبة..." الحديث، وهذا حديث صحيح، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه، فهذا صاحب كان يرى ذلك، أن يضرب للظهار أجلا، وذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره عليه، ولو كان الأمر بخلافه لأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعكسه أن يقول: إذا مضى شهر أو سنة فأنت علي كظهر أمي، فإنه يلزمه الظهار من الآن، وعلى قوله الآخر: لا يكون مظاهرا حتى يأتي ذلك الأجل، وقد اختلف الناس في الطلاق إلى أجل، والظهار أخف.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في المدونة: إذا قال: أنت علي كظهر أمي إلى قدوم فلان، لم يكن مظاهرا حتى يقدم فلان، بمنزلة من
قال: أنت طالق إلى قدوم فلان، أنها لا تكون طالقا حتى يقدم.
وقد يفرق بين السؤالين: فيلزمه الظهار الآن، ولا يلزمه الطلاق حتى
[ ص: 2301 ] يقدم؛ لأن (إلى) بابها انتهاء الغاية، فيجب أن تحمل على موضوعها حتى يقوم الدليل على أنه أريد بها الشرط، والمفهوم من قوله: أنت علي كظهر أمي إلى قدوم فلان- أنها من الآن عليه كظهر أمه حتى يقدم، وأيضا فإن له وجها يقصده الحالف أن يكون مظاهرا ما بينه وبين القدوم، وقد فعله صاحبه، وليس يقصد أحد أن يكون طالقا الآن وتعود زوجة إذا قدم فلان، وكذلك
قوله: أنت حر إلى قدوم فلان، ليس القصد أن يكون حرا الآن، ثم يعود في الرق بعد قدومه، ويصح أن يريد: أنت علي كظهر أمي من الآن إلى قدوم فلان خاصة، وإذا كان ذلك- وجب حمله عند عدم النية على ما يوجبه اللفظ، إلا أن يريد غيره.
وإن قال: إذا قدم- لم يلزمه ظهار حتى يقدم، وإن قال: أنت علي كظهر أمي إن دخلت هذه الدار اليوم أو كلمت فلانا اليوم، فمضى ذلك اليوم ولم يدخل ولم يكلم- سقط عنه اليمين.
واختلف إذا قال: أنت علي كظهر أمي اليوم إن دخلت الدار أو كلمت فلانا، فجعله
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم كالأول لا شيء عليه إذا مضى ذلك اليوم.
[ ص: 2302 ]
وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف وابن عبد الحكم.
وقال
محمد بن عبد الحكم فيمن
قال: أنت طالق اليوم إن كلمت فلانا غدا، قال: إن كلمه غدا فلا شيء عليه، وإن كلمه اليوم حنث؛ لأن ذلك الغد مضى وهي زوجة، وقد انقضى وقت وقوع الطلاق، وكان تعليق الطلاق به بعد ذلك في معنى المستحيل، وقيل: يلزمه الحنث، وإن جعل اليوم ظرفا للظهار والطلاق، وإن وقع الحنث بعد ذلك اليوم، ويلزم على هذا أن يقول: لو تقدم له وطء زوجته بعد يمينه ثم حنث أن يكون عليه الكفارة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في كتاب الطلاق من كتاب محمد فيمن
قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق غدا، فإن تزوجها قبل الغد فهي طالق، وإن تزوجها بعد مضي الغد لم تطلق.
[ ص: 2303 ]