فصل
[فيمن قال لزوجته والله لا أطؤك حتى تفطمي ولدك هل يكون موليا؟]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن قال لزوجته: والله لا أطؤك حتى تفطمي
[ ص: 2387 ] ولدك، ليس بمول، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: لأن هذا أراد إصلاح ولده، وليس على وجه الضرر. وذكر عن أصبغ أن لها الفراق إذا لم يفئ، وهو أقيس؛ لأن لها حقا في الوطء، ولا حق للولد في تركه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا يضر" فلا يترك حق وجب بالقرآن لمن لم يجعل له النبي - صلى الله عليه وسلم - حقا.
وللمرأة القيام بالطلاق لعدم الإصابة في حضور الزوج وغيبته، فأما في حضوره فهو على ستة أقسام: أحدها: أن يحلف على ترك الإصابة. والثاني: أن يحلف بطلاقها ليفعلن فعلا فيمتنع الوطء لأجل يمينه حتى يبره.
والثالث: أن يترك الوطء من غير يمين وهو قادر. والرابع: أن ينزل به أمر يقطع ذلك عنه. والخامس: أن يحبسه سلطان. والسادس: أن يشهد عليه شاهد بالطلاق، ويمتنع من اليمين.
وكل قسم من هذه الستة الأقسام يتصرف على وجوه:
فإن
حلف على ترك الوطء قصدا للضرر - كان لها الفراق عند انقضاء الأربعة الأشهر إذا لم يفئ حسب ما ورد به القرآن.
وإن كان اليمين إرادة الإصلاح ليس للضرر، كالذي يحلف على ترك
[ ص: 2388 ] الوطء حتى يفطم ولدها- كان الجواب فيه على ما تقدم.
وإن قال: أردت بذلك صلاح جسدي ولضرر ذلك لي، فإن كان صحيح البنية لم يكن ذلك له، وإن كان ضعيف البنية وضرب أجلا، ويرى أن فيه صلاحه- لم تطلق عليه، وإن جاوز الأربعة أشهر وإن طول في الأجل فوق ذلك كان لها أن تقوم بالفراق، وكذلك إذا لم يضرب أجلا كان لها أن تقوم بالفراق إذا لم يفئ، فإن كان الأجل الذي يكون فيه صلاحه قبل الأربعة أشهر لم يقع عليه عند الأربعة أشهر، وإن كان فوق ذلك لم يعجل عليه بالطلاق حتى يبلغ الأمد الذي لا يضر به.
وإن
حلف بالطلاق ليفعلن فعلا فمنع من الإصابة لأجل يمينه وأمكنه فعل ما حلف عليه، فلم يفعل - كان لها أن تقوم بالفراق إذا انقضى الأجل الذي ضرب له، وإن لم يمكنه فعل ما حلف عليه وهو عالم أن يمينه تمنع من الإصابة- كان لها الفراق.
وإن كان ممن يجهل ذلك لم تطلق عليه؛ لأنه لم يقصد ضررا على القول أن الطلاق لا يوقع إلا على من قصد الضرر، وإن ترك الإصابة من غير يمين اختيارا أو قصدا للضرر- كان لها أن تقوم بالفراق من غير أن يضرب له أجل، وقال أيضا: لا يفرق إلا بعد مضي أربعة أشهر كالمولي، وهو أحسن؛ لأنها المدة التي يلحق فيها الضرر، فلا تطلق عليه دونها، ولا يزاد عليها.
[ ص: 2389 ]
وإن ترك ذلك بغير يمين لصلاح جسمه جرى على الجواب على ما تقدم إذا كان بيمين.
وإن كان لاشتغاله بعبادة كان لها الفراق، وأن تقوم بحقها في ذلك وهو قول مالك. وقوله في هذه المسألة أصل في كل من ترك الإصابة غير مضار أن ذلك لا يسقط حقها في ذلك من القيام بالفراق. وإن كان غير قادر على الإصابة لأنه قطع ذكره أو لعلة نزلت به- كان في المسألة قولان، فقال مرة: لا مقال لها، وقال في مختصر ما ليس في المختصر: لها القيام بالفراق، وإن قطع ذكره. ولو فعل ذلك بنفسه خطأ كان على الخلاف، وقد جرى ذلك لبعض الناس، أراد الاستحداد فنزلت يده فقطع ذكره.
وإن تعمد ذلك كان لها الفراق قولا واحدا، وإن شرب دواء ليقطع منه شهوة النساء، كان لها الفراق، وكذلك إن شربه لعلاج علة به وهو عالم أنه يذهب ذلك أو شاك كان لها الفراق.
وإن كان الامتناع لحبس سلطان، وقصد بحبسه، ليحول بينه وبين زوجته أو ليغرمه مالا وهو غير قادر عليه أو قادر، وذلك مما يجحف به- لم يفرق بينهما، وإن طال سجنه ولو كان ذلك المال يسيرا لكان لها مقال.
وإن
شهد عليه شاهد بالطلاق ولم يحلف كان لها أن تقوم بالفراق، ويضرب له أجل الإيلاء إذا لم يكن عندها علم من صحة شهادة الشاهد، فإن كانت عالمة بصحة شهادته لأنها كانت حاضرة لطلاقه أو ليمينه وحنثه أو اعترف عندها بذلك- لم تكن لها مطالبة بالوطء إذا كان الطلاق ثلاثا، أو
[ ص: 2390 ] واحدة وانقضت العدة؛ لأنها معترفة أنها عليه حرام، ولو أراد ذلك لم يحل لها أن تمكنه من نفسها.