صفحة جزء
باب فيمن اشترى سيفا محلى نصله تبع لحليته

ومن المدونة قال ابن القاسم فيمن اشترى سيفا محلى نصله تبع لفضته فقبضه وافترقا قبل أن يدفع ثمنه، ثم باعه مشتريه: كان بيعه فوتا، وعليه للأول قيمته من الذهب، وإن كان بيده ولم يتغير رد البيع فيه، وإن حال سوقه فليس ذلك بفوت، وإن انقطع السيف أو انكسر الجفن كان فوتا، وعليه قيمة حليته.

قال الشيخ: إذا كان نصل السيف تبعا لحليته جرى في البيع على حكم الصرف، فيباع بخلاف حليته يدا بيد، ولا يباع بجنس حليته يدا بيد ولا مؤجلا، فإن فعل أو اشتراه بخلاف حليته فافترقا قبل أن ينقده- اشتراه بمثل حليته يدا بيد أو مؤجلا- فسخ ذلك إن كان قائما.

واختلف فيه إذا فات، وفيما يفيته:

فرأى ابن القاسم أن الذي يفيته البيع، أو تغيره في نفسه، بأن ينقطع السيف أو ينكسر الجفن، ولا يفيته حوالة الأسواق.

وقد خولف في هذه الوجوه الثلاثة، فقال محمد: القياس في حوالة الأسواق أنها فوت. وذكر عن ابن القاسم أنه قال في الحلي يباع جزافا بيعا فاسدا: أن حوالة الأسواق فيه فوت. [ ص: 2791 ]

وهذا اختلاف قول من ابن القاسم; لأنه إذا كان ذلك فوتا في الحلي، وهو ذهب بغير عرض- كان في السيف أحرى; لأنه عرض وذهب، أو فضة جزاف.

وخالف سحنون فيما إذا باعه أو انكسر عنده، وقال: إذا باعه ترد فيه البياعات كلها حتى يرد إلى ربه; لأنه من باب الربا، إلا أن يتلف البتة ويذهب، فيكون على مشتريه قيمة الجفن والسيف ووزن ما فيه من الفضة.

قال: وكذلك إذا انقطع السيف أو انكسر الجفن فإنما عليه قيمة النصل والجفن ووزن الفضة.

وهذا أصل سحنون في كل بيع حرام مجمع على تحريمه أنه لا ينعقد فيه بيع، وأنه إن هلك بيد مشتريه من غير سببه، وله بذلك بينة- كانت مصيبته من بائعه، ولذلك لم ير البيع الثاني فيه فوتا; لأنه عنده بمنزلة من باع ملك غيره; لأنه في ضمان الأول، فيكون له أن يرد البياعات كلها، وله أن يجيز البيع في أيها أحب، ويأخذ الثمن.

وإن بان به مشتريه لم يكن على المشتري الأول الذي اشتراه شراء فاسدا إلا الثمن الذي باعه به، كالمستحق يبيعه مشتريه فإنه ليس عليه سوى الثمن الذي باعه به، وإن لم يوجد بيد المشتري الأول وادعى ضياعه ولا بينة له على ذلك- [ ص: 2792 ] ضمن قيمة النصل والجفن، ووزن الحلية مصوغا; لأنها صياغة عملت بوجه جائز، وهذا هو أحد قولي مالك أنه يقضى في الصياغة بالمثل، ولو كانت الحلية موجودة وعلم أن فساد الصياغة من غير سببه سلمها بحالها، ولا شيء عليه في ذلك. [ ص: 2793 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية