صفحة جزء
باب [في المبايعة بالدراهم الزيوف]

قد تقدم القول في جواز المراطلة بالزيوف، وكره مالك المبايعة بها، قال: لأن ذلك داعية إلى إدخال الغش على المسلمين.

وقال أشهب: تكسر إلا أن يخاف أن تسبك فتجعل دراهم فتباع على وجه الفضة، فلتصف حتى تباع فضتها ناحية ونحاسها ناحية.

واختلف في اللبن يغش، فقال مالك: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يطرحه في الأرض أدبا لصاحبه.

وقال مالك: الأحسن أن يتصدق به، قال: وكذلك الزعفران والمسك إذا غشه بنفسه، وإن اشتراه مغشوشا لم أر ذلك عليه. وقال ابن القاسم: إن ذلك فيما كان يسيرا، وأما الكثير فلا أرى ذلك، وليؤدب بالضرب الوجيع.

يريد: ولا يتصدق به عليه.

قال مالك: من الغش بل الخمر التي تعمل من القز بماء الخبز لتتصفق بذلك وتشتد. [ ص: 2874 ]

قال: ومن الغش أن يخلط الذهب الجيد بدنيه فيسبكهما، ونفخ اللحم غش، وهو يغير طعمه، ويجوز على قوله الصدقة بذلك كله، وعلى قول ابن القاسم، تغسل الخمر حتى يذهب ذلك منها، ولا يتصدق بها عليه، ويعاقب.

والخلاف في القليل: هل يطرح أو يتصدق به؟ والخلاف في الكثير: هل يتصدق به، أو يترك لصاحبه ويعاقب؟

ولو اشترى رجل شيئا من ذلك كله، وهو عالم بغشه ليبيعه من الناس ولا يبين، كان حكمه حكم من غش، يتصدق به عليه أو يعاقب على قول ابن القاسم، والأصل في العقوبة في المال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور التي أغليت بلحوم الغنم قبل أن تقسم أن تكفأ. والعتاق على من مثل بعبده.

كمل كتاب الصرف، والحمد لله حق حمده

التالي السابق


الخدمات العلمية