صفحة جزء
باب في التكبير للإحرام والتسبيح والدعاء قبل القراءة والتكبير بالعجمية وقراءة: بسم الله الرحمن الرحيم

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" ، وهذا حديث حسن السند ذكره الترمذي .

قال مالك: ولا يجزئ من التكبير إلا: الله أكبر . فالوصف بـ (أكبر) أبلغ من الوصف بالكبير، وبالأكبر.

واختلف في التسبيح قبل القراءة والدعاء وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم، فمنع مالك ذلك مرة وقال: إذا كبر قرأ، وليس بين التكبير والقراءة شيء .

قال ابن القاسم: ولم يكن مالك يرى هذا الذي يقوله الناس: " سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" .

وفي مختصر ما ليس في المختصر: أن مالكا كان يقول ذلك بعد إحرامه.

وفي مسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كان يجهر بذلك في الصلاة . [ ص: 253 ]

ويختلف على هذا في تقدمة الدعاء قبل القراءة، والجواز أحسن; لحديث أبي هريرة قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين التكبير والقراءة سكتة. فقلت: يا رسول الله، سكوتك بين القراءة والتكبير ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد" . أخرجه البخاري ومسلم .

وأما قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فليس بواجب ولا مندوب إليه.

واختلف هل يكره في هذا الموضع أو يباح؟ فقال مالك في المدونة: لا يفعل ذلك في المكتوبة سرا ولا جهرا، وعليه أدركت الناس .

وقال في المبسوط: إن جهر بذلك في المكتوبة فلا حرج.

وفي مسلم: قال أنس: " صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم كانوا يستفتحون بالحمد لله، ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها" . فانتفى بهذا الحديث أن تكون قراءته فرضا ولا ندبا، وكذلك حديث أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. [ ص: 254 ]

يقول العبد:
الحمد لله رب العالمين . . ."
الحديث. وهذه حكاية عما يبتدئ به المصلي عند القراءة.

قال مالك: ولا يتعوذ قبل القراءة في المكتوبة، ولكن يتعوذ في قيام رمضان إذا قرأ .

وقال في المجموعة في قول الله -عز وجل-: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [النحل: 98]: إن ذلك بعد أم القرآن لمن قرأ في غير الصلاة .

قال الشيخ -رحمه الله-: الشأن فيمن افتتح الصلاة أنه لا يتعوذ، وأرى ذلك; لأن الافتتاح بالتكبير ينوب عنه ويجزئ منه، وقد جاء في الحديث أنه " إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط. . ." الحديث معلوم، وأخبر أن فيه مطردة للشيطان.

التالي السابق


الخدمات العلمية