فصل [في الجائحة تصيب الثمار]
وإذا
أسلم في رطب حائط بعينه فأجيح ذلك الثمر، انفسخ ذلك السلم قولا واحدا؛ لأن البيع وقع على شيء بعينه، فإذا أجيح لم يلزم البائع خلفه، ولم يلزم المشتري قبول غير ما اشتراه.
وإن أسلم في ثمر قرية صغيرة فأجيح ذلك الثمر انفسخ ذلك السلم أيضا، ولا يبقى في ذمة البائع إلى قابل؛ لأنها غير مأمونة، فإذا منع أن يسلم فيها في هذا العام إلا بعد بدو صلاحها؛ لأنه غرر- كان في الصبر إلى ثمرة قابل أشد غررا.
واختلف
إذا كان السلم مضمونا في رطب قرية مأمونة فأصيب ثمرها على أربعة أقوال:
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة: يتأخر إلى ثمرة قابل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: ومن طلب التأخير منهما كان ذلك له إلا أن يجتمعا
[ ص: 2904 ] على المحاسبة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في كتاب
محمد: ذلك لمن له السلم إن شاء أخره، وإن شاء أخذه ببقية رأس المال نقدا، وقال: فسخ ذلك أحب إلي.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب: يتعجل بقية رأس ماله، ولا يجوز له أن يحول ذلك في ثمرة قابل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: لا يكون التأخير إلا باجتماع منهما على الرضا بالتأخير؛ لأنهما إنما عمدا لهذه السنة بعينها، ولم يرد بائع ذلك أن يكون مخلدا في ذمته من سنة إلى سنة، قال: وسواء كان ذلك بمطل منه أو غيره.
فرأى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم أن السلم لما كان مضمونا كان ذكر هذه السنة عبارة عن التعجيل، وإلا فإن الغرض من هذه الثمرة، وثمرة قابل سواء، بمنزلة لو أسلم في قمح، فمطل به البائع بعد محل الأجل، فليس للمشتري إلا مثل ذلك القمح، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم رأى أن في الصبر إلى قابل ضررا على من له السلم، وذلك كالعيب، فإن قام بحقه، لم يلزمه الصبر، وإن لم يقم بحقه بقي إلى قابل.
ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب أن البيع وقع على زهو يخلق في هذا العام لا على غيره، فكان
[ ص: 2905 ] فسخ السلم حكما عليهما.
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب أحسن إذا كان ذهاب الثمار بجوائح من السماء، فإن كان عدم القبض للدد المطلوب حتى خرج الإبان كان للطالب الخيار، فإن شاء أخره إلى قابل، وإن شاء استرجع منه بقية رأس ماله، وليس للمسلم إليه أن يعمد إلى ما يضر به المشتري ولا إلى فسخ السلم.
وإن كان عدم القبض لهرب الطالب كان المسلم إليه بالخيار بين أن يرد رأس المال أو يؤخره إلى قابل، وإلى مثل هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب إذا هرب المسلم إليه برأس المال، أو أسلم إليه فلم يقبض رأس المال حتى حل الأجل، ورأى أن يرفع المسلم إليه ذلك إلى الحاكم، ويحضره بذلك الزهو أو الرطب ويحكم له ببراءته منه، ويبيعه على الغائب إذا خشي فساده إلى أن يحضر الغائب.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب
محمد: كل ما أسلفت فيه إلى أجل يحتاج فيه إلى ذلك الشيء وأخلفك عن وقته، فليس لك فسخ البيع، قال: وكذلك الضحايا يخلفك حتى تزول أيام النحر، وكذلك الكراء كله إلا كراء الحاج وحده، إذا زالت أيام الحج ولم يأت المكتري إلى السلطان ليكري له، فسخ ما بينهما. وجعل الغير في كتاب الرواحل: ما أخلفه من غير كراء الحاج أن له الفسخ.
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في هذا كله أنه لا يفسخ، وعلى أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم المقال في ذلك للطالب وحده.
وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب يفسخ ذلك إذا كان المنع من غير سبب واحد منهما، فإن كان من سبب أحدهما كان المقال للآخر، إلا أن يكون الكراء في راحلة بعينها،
[ ص: 2906 ] فلا يجوز الصبر لقابل كالحائط بعينه، ولأن على المكتري في منعه من بيعها إلى قابل ضررا، وإن أتى بالأضحية فلم يجد الطالب لم يكن عليه غيرها، وإن كان التغيب منه حتى ذهبت أيام النحر كان للآخر أن يفسخ ذلك، ولو مطل بالأضحية إلى عيد قابل أو بالفاكهة حتى عاد إبانها من قابل، لم يجبر على قبولها على قول
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب nindex.php?page=showalam&ids=12322وأصبغ، ويختلف في هذا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم هل يجبر على قبولها؟ لأنه بمنزلة عيب ذهب.
وقد اختلف فيمن اكترى سفينة فدخل عليها الشتاء، فلم يتفاسخا حتى عاد إبان السفر، وهذا مثله.