صفحة جزء
باب في التأخير في الإقالة والتولية ورأس مال السلم

وقال ابن القاسم: قال مالك فيمن أسلم في طعام أو عروض، فأقال من ذلك أو ولى ذلك رجلا، أو باع السلم إن كان مما يجوز بيعه، قال مالك: لا يجوز أن يؤخره ساعة ولا يفترقان حتى تقبض ذلك من الذي وليت أو من صاحبك الذي أقلت، أو من الذي بعت، وإلا صار دينا بدين، وكذلك الصرف لا يجوز أن يفترقا قبل القبض، كذلك هذا .

قال الشيخ -رحمه الله-: والمعروف من المذهب أن الأمر في الإقالة أوسع من الصرف، وأنه تجوز المفارقة في الإقالة ليأتي بالثمن من البيت، أو ما قارب ذلك، والتولية وبيع الدين أوسع من الإقالة; لأنه لا يجوز تأخير الإقالة اليومين والثلاثة بشرط بغير خلاف، واختلف في التولية هل يجوز مثل ذلك في التولية وبيع الدين.

واختلف في الإقالة إذا وقع التراخي فيها بغير شرط على ثلاثة أقوال: فمنعه في المدونة، ورءاه دينا بدين.

وقال مالك في كتاب محمد: بل يتبعه بالدنانير ولا يرجع في الطعام ، قيل له: إن المشتري يقول: إن الإقالة لا تصلح مستأخرة فأنا أرجع في طعامي، قال: ليس ذلك له. [ ص: 3054 ]

وقال أشهب: إذا كانا من أهل العينة، فسخت الإقالة، وإن لم يكونا كذلك ولا عملا عليها رأيت أن يلح عليه حتى يأخذ . وهذا تفسير لقول مالك.

فإن كانت تهمة فسخت الإقالة، وإن قام دليل على عدم التهمة; لأن ذلك كان لسفر حدث، أو لأنه حبس، أو كان من أهل الدين والثقة، بحيث لا يتهمان، مضت الإقالة، وإن لم يكن دليل تهمة ولا براءة، كان هو موضع الخلاف المتقدم.

والإقالة من العروض والطعام سواء، فإن كان رأس المال عينا في الذمة، لم تجز الإقالة إلا على المناجزة، وإن كان السلم في الطعام، وكانا شرطا تأخير رأس المال ثلاثة أيام، لم يجز تأخير الإقالة إلى مثل ذلك، وجازت إذا تناجزا، ولا يراعى ما كان من تأخير الثمن عند بائع الدنانير.

ولو أسلم رجل دنانير في طعام إلى سنة ثم أقال منها عند تمام السنة لجاز، وإن كان ذلك في معنى من أقال في أقل من رأس المال; لأن المسلم لها قد خسر انتفاع الآخر بها إلى سنة، وإذا لم يراع ذلك كان أحرى ألا يراعى انتفاع بائعها بها قبل أن يسلمها.

ولو أسلم رجل عبدا في ثياب على أن يدفع العبد بعد يومين، ثم أسلمه، ثم أقال من تلك الثياب، ليسلم العبد بالحضرة بمجرد الإقالة، ولم يكن لمن [ ص: 3055 ] كان في يده أن يقول يبقى في يدي يومين كالأول.

التالي السابق


الخدمات العلمية