صفحة جزء
باب في الشركة والتولية في الطعام

قال سحنون: أخبرني ابن القاسم عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه، إلا ما كان من إقالة أو شرك أو تولية" .

وقال مالك: أجمع أهل العلم على أن لا بأس بالإقالة والشركة والتولية .

وذكر أبو الفرج عن مالك أنه منع الشركة. ووافق الشافعي وأبو حنيفة في الإقالة وحدها; لأنها عندهما حل بيع. واختلف فيمن اشترى طعاما بثمن إلى أجل ثم أشرك فيه قبل أن يكتاله: فقال مالك في المدونة: لا بأس بذلك ، وعلى قوله تجوز التولية.

وقال ابن القاسم في كتاب محمد: لا يحل أن يولي حتى يقبضه .

قال أشهب: لا يصلح فيه إلا الإقالة وحدها، قال: وهو بمنزلة من وجب له طعام من إجارة أو اشتراه بعرض فلا يصلح فيه إلا الإقالة فقط ما لم يفت العرض، أو يعمل الأجير، فلا تصلح إقالة ولا غيرها . [ ص: 3063 ]

واحتج ابن حبيب في منع الشركة والتولية باختلاف الذمم، قال: فليس ذمته وذمة الذي أشرك أو ولي سواء، يكون أحدهما أملى أو أعدم ولا يمكن أن يكون الاستيفاء منهم واحدا .

وإن اشترى طعاما غائبا قريب الغيبة واشترط النقد جاز فيه الشرك والتولية، وإن كان بعيد الغيبة مما لا يجوز النقد فيه واشتراه على ألا ينقد إلا بعد قبضه جاز فيه الشرك والتولية على قول مالك، ولم يجز على القول الآخر; لأن الذمم تختلف، فأشبه من اشترى بثمن إلى أجل.

ويختلف في الإقالة هل تجوز; لأن الذمم تبرأ من الآن، أو لا تجوز; لأنه يأخذ طعاما غائبا عن دين، فيدخله فسخ دين في دين، وبيع الطعام قبل قبضه.

التالي السابق


الخدمات العلمية