صفحة جزء
فصل في التأمين بعد الفاتحة

يؤمن المصلي عند خاتمة الحمد في خمس مواضع، واختلف في سادس: ويؤمن الفذ في صلاة السر والجهر، والمأموم في صلاة السر عند فراغه من قراءة نفسه وفي الجهر عند فراغ الإمام من قراءتها ، ويؤمن الإمام في صلاة السر، واختلف في صلاة الجهر فقال مالك: لا يؤمن . وقال ابن حبيب : يؤمن.

وقال ابن بكير: هو بالخيار بين أن يؤمن أو يدع.

وقال عبد الوهاب: الأفضل الاجتزاء بتأمين المأموم.

والقول إنه يؤمن أحسن; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أمن الإمام فأمنوا" .

وقال ابن شهاب : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " آمين" ، وفي الترمذي " أنه - عليه السلام - أمن" . [ ص: 278 ]

والقول أن المعنى في الحديث: " إذا أمن الإمام فأمنوا" أي: إذا قال الإمام: ولا الضالين [الفاتحة: 7]; لأنه دعاء، ولأن هارون - عليه السلام - كان يؤمن، فقال الله -عز وجل-: قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [يونس: 89] وهذا غير صحيح; لأنه لا يقال لمن دعا ولم يكن في دعائه تأمين فقال: " اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني" فلا يقال: إنه أمن، فكل مؤمن داع، وليس كل داع مؤمنا، حتى يكون في دعائه آمين.

واستحب للإمام أن يجهر به ليقتدي به من خلفه; للحديث: " إذا أمن الإمام فأمنوا" وإذا رفع من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد إن كان فذا، وإن كان إماما قال: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلفه: ربنا ولك الحمد.

واختلف هل يقول ذلك الإمام، فمنع ذلك مالك مرة ، وأجازه في مختصر ما ليس في المختصر، وقاله ابن نافع وعيسى بن دينار عن ابن مزين ، وهو أحسن; لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " سمع الله لمن [ ص: 279 ] حمده، ربنا ولك الحمد" .

وفي سماع ابن وهب عن مالك قال: أحب للمأموم ألا يجهر بالتكبير وبـ" ربنا ولك الحمد" ، ولو جهر بذلك جهرا يسمع من يليه فلا بأس .

ولم يذكر في الإمام شيئا، والشأن أن يجهر بذلك وبالتكبير; فيقتدي به من خلفه في الركوع والسجود.

التالي السابق


الخدمات العلمية