صفحة جزء
باب في الشفعة في العين والبئر إذا بيع مع الحائط أو بانفراده

وإذا باع أحد الشريكين قبل المقاسمة نصيبه من الحائط والماء صفقة واحدة كانت الشفعة فيهما فيستشفع الماء مع الحائط; لأنه من مصلحته وليس له أن يبعض الصفقة فيما تكون له الشفعة في جميعه ، فإن باعهما صفقتين افترق الجواب، فإن تقدم بيع الماء كان له أن يستشفعهما أو أحدهما، وإن تقدم بيع الحائط ثم باع الماء من غير مشتري الحائط كانت الشفعة في الحائط دون الماء; لأنه في الحائط على أحد أمرين: إما أن يستشفعه فترفع الشركة منه وتبقى الشركة في الماء وحده وإذا انفردت الشركة في الماء لم تكن فيه شفعة إذ لا يستشفع الحائط فيكون شريكه في الحائط غير شريكه في الماء، وإنما يستشفع إذا بيعا معا; لأنه شرب لذلك الحائط.

واختلف إذا باع الماء من مشتري الحائط واستلحقه به قبل أن يأخذ الأصل أو يترك، فقيل: يصير بمنزلة لو بيعا معا فليس للشفيع أن يأخذ أحدهما دون الآخر، وهو محمل قول محمد في رقيق الحائط إذا ألحق به بعد البيع، والعين والبئر مثله ، ويجري فيها قول آخر إن له أن يأخذ أحدها دون الآخر وهو قول محمد في الأول دون [ ص: 3371 ] الثاني ; لأنهما عقدان قياسا على قولهم إذا اشترى الأصول، ثم الثمار والعبد ثم ماله والأرض ثم النخل، والقياس أن له أن يستشفعهما لأن المشتري قصد أن يلحق ذلك بالعقد أو يستشفع الأصل وحده; لأنه يقول قد كان ذلك من حقي قبل أن تشتري الماء، فليس شراؤك الماء مما يسقط حقي في انفراد العقد الأول أن يستشفع الماء مع الحائط لأنهما متهمان أن يعدوا العقد، ثم يقول له: لا شفعة له في الماء وإني في ذلك بمنزلة ما لو اشتراه غيري، وإن أنت استشفعت الحائط كانت الشفعة في الماء بانفراده، ويترك الشفعة إذا كان الحائط بغير ماء فيكون للشفيع أن يستشفع الجميع لهذا الوجه فكان تبعيض ذلك أو جمعه من حق الشفيع لا من حق المشتري، فإن تقدم بيع الماء ثم ابتاع منه الحائط كان بالخيار حسب ما تقدم بين أن يأخذهما جميعا أو أحدهما فيأخذ الماء بانفراده; لأنه يقع في حين الشركة في الحائط وله أن يأخذ الحائط بانفراده ولا يقال ها هنا: إنه كالصفقة الواحدة فيأخذ الجميع أو يدع; لأنه يستلحق الماء بالحائط، ولا يستلحق الحائط بالماء، ومن المدونة قال ابن القاسم: كما لا يستلحق العبد بماله إن تقدم بيع المال، وإذا بيع الحائط بغير ماء ثم وقف الشفيع فترك ثم استحق الماء- كان للشفيع أن يقوم فيأخذ الجميع بالشفعة; لأنه يقول: إنما تركت الأصل لما بيع بغير ماء، وعلى صفة يرغب عنه، ولأنهما متهمان أن يكونا عملا على ذلك أن [ ص: 3372 ] يبيع بغير ماء، فإذا ترك الشفعة باعه منه.

وإذا باع أحد الشريكين حصته من الحائط والماء، وكانت أجزاؤهما في ذلك مختلفة، لأحدهم ربع الحائط وثلاثة أرباع الماء، وللآخر ثلاثة أرباع الحائط وربع الماء، فباع الأول حصته من الحائط والماء، كان للشريك الآخر الشفعة في ربع الحائط وتسع ما بيع من الماء; لأنه القدر الذي يستحقه ذلك الحائط من الشرب من ذلك الماء; لأنه إذا شرب ثلاثة أرباعه ربع الماء لم يكن على الآخر أن يسقي ذلك الحائط عن مائه إلا بقدر ذلك، وهو جزء من تسعة، فيكون ماء الذي له ثلاثة أرباع على ثلاثة أجزاء، ومن الآخر جزء فيكمل أربعة، وثمانية أجزاء يصرفها ويسقي بها حيث شاء من غير هذا الحائط، فإن باع من له ثلاثة أرباع الحائط استشفع الآخر الجميع; لأن جميعه شرب للمبيع.

التالي السابق


الخدمات العلمية