صفحة جزء
باب فيمن أوصى أن تشترى رقبة لتعتق تطوعا أو عن واجب

وإذا قال : اشتروا رقبة فأعتقوها . لم تكن حرة بنفس الشراء حتى تعتق ، فإن قال : فإذا اشتريتموها فهي حرة ، كانت حرة بنفس الشراء .

واختلف إذا قال : أعتقوها . فهلكت بعد الشراء وقبل العتق ، فقال في المدونة : تشترى أخرى إلى مبلغ الثلث . وبه قال أصبغ . وقال ابن القاسم في كتاب محمد : تشترى من ثلث ما بقي كأنه لم يكن مال ، إلا ما بقي . وقال ابن حبيب : القياس ألا يرجع في بقية الثلث شيء ، واستحسن أن يشتروا من بقية الثلث ، وقال ابن المواز : إن عزل ثلثه للوصية ، وقسم الورثة الثلثين ، كان عليهم بقية الثلث الأول ، ولا وجه لهذا; لأن الميت لم يوص بجزء ، فيكون عليهم أن يقسموه ، وإنما وصى بشراء رقبة لا غير ذلك . وقول ابن حبيب في هذا أحسن .

وقال أشهب في كتاب محمد : فيمن أوصى أن يحج عنه ، فدفع مال لمن يحج عنه على البلاغ ، فسرقت النفقة في بعض الطريق ، قال : يحجوه ، أو غيره مما بقي من ثلث الميت ، بمنزلة من أوصى أن يعتق رقبة ، فماتت قبل العتق ، فعليهم ذلك ما بقي من الثلث الأول شيء . [ ص: 3543 ]

قال الشيخ : إلا أن يعترفوا أنهم قصدوا بالشراء جملة المال ، وليخرج بالقيمة ، فيؤخذوا باعترافهم ويخرجوا ثلث الباقي .

واختلف إذا أوصى أن تشترى رقبة لتعتق تطوعا ، أو عن الظهار فيما تشترى به ، فقال ابن القاسم في المدونة : ينظر إلى قلة المال وكثرته ، فيجتهد في ذلك ، وليس من ترك مائة دينار بمنزلة من ترك ألفا . وقال في كتاب محمد : وبذلك يحاص أهل الوصايا ، وقال أشهب : يشترى وسطا من الرقاب ، ولا ينظر إلى قدر المال وبه يحاص . والقياس أن يحاص بأدنى القيم فيما يجزئ عن الظهار والقتل . قال : والأول أحب إلى الوسط كما قيل فيمن تزوج على خادم .

قال الشيخ : الوسط حسن مع عدم الوصايا ، فأما إذا كانت الوصايا وضاق الثلث ، رجع إلى أدنى الرقاب وإلى حكم المال القليل; لأن المعلوم من الميت أنه يقصد إنفاذ وصاياه جملة ، فإذا علم أن المال لا يبلغ إلى الأعلى ولا إلى الوسط ، رجع إلى الأدنى ما خلا الرضيع والمعيب; لأنهما لا يقصدهما الميت ، ثم ينظر إلى ما يصير في المحاصة ، فإن كان يوجد به رضيع وكان عن واجب اشترى; لأنه تبرأ ذمته ، أو معيبا إن كان تطوعا . وإن لم يبلغ ذلك العتق عن ظهار أطعم عنه إن وفى بالإطعام أو ما بلغ منه . وإن كان فوق الإطعام ودون العتق أطعموا وكان الفضل لهم ، وهذا القياس . والاستحسان أن يتصدق به . [ ص: 3544 ]

وإن كان العتق عن قتل أشرك بما ينوب العتق في رقبة وإن كان تطوعا ، فكذلك يشرك بينه وبين آخر . قال مالك : أو يعان به مكاتب .

التالي السابق


الخدمات العلمية