صفحة جزء
باب [فيمن اشترى ابنه أو أخاه في مرضه ، أو أوصى بشراء ذلك]

اختلف في المريض يشتري ولده هل يعتق من الثلث أو من رأس المال؟ واختلف إذا أعتق من الثلث هل يرث؟

فقال مالك في المدونة : إن حمله الثلث أعتق وورث بقية المال إن كان وحده وإن كان مع غيره أخذ حصته من الميراث ، وعلى قوله إن لم يحمله الثلث أعتق منه ثلث الميت ولم يرث .

وقال أشهب في العتبية : يعتق من الثلث ولا يرث كان ممن يحجب أو لا .

وقال في كتاب محمد : الذي آخذ به وما أدري ما حقيقته أن له أن يشتريه بماله كله; لأنه صار الآن أولى بمال الميت كله ممن يقوم بمنعه منه ممن كان يرث قبله . قال : وكذلك أرى في كل من يعتق بالملك ممن يرثه . وقال أيضا : يشتريه بجميع ماله إن لم يكن له وارث غيره ، وإن كان معه وارث غيره لم يشتره بأكثر من الثلث لأنه حينئذ ينتزع من الوارث بعض ميراثه من ثلثي الميراث ، قال : ولست أدري من أين أخذ مالك قوله الذي قال فسوى بين الولد [ ص: 3557 ] وغيره أنه إن كان معه وارث لم يرث وإن حمله الثلث ، وإن لم يكن وارث أعتق من رأس المال .

واختلف في الأب والأم والإخوة والأجداد كالاختلاف في الولد ، فقال أشهب في كتاب محمد : يعتقون من رأس المال . وقال مرة : ذلك إذا لم يكن معه وارث . وقال عبد الملك في كتاب ابن حبيب : يعتق الولد من رأس المال ويرث; لأن له استلحاقه ، ولا يجوز ذلك في الأب ولا الأم ولا الأخ لأنه يستلحقهم . وقال في ثمانية أبي زيد : يشتري الولد وولد الولد خاصة بجميع المال كان له ولد آخر أو لم يكن ويلحقهم بولده . وقال ابن وهب في المستخرجة : إن كان المشتري يحجب من يرث المشتري حتى يصير جميع الميراث له كان أحق ويشتريه بجميع المال ويرث إن بقي شيء وإن كان ثم من يشركه في الميراث لم يشتره إلا بالثلث ولم يرث; لأنه إنما يعتق بعد موت المشتري وقد صار المال لغيره .

واستثقل ابن عبد الحكم في كتاب محمد الميراث ، وإن اشترى من الثلث . وقال : كيف يرثه وهو لو أعتق عبدا لم تتم حريته حتى يقوم في الثلث بعد موت السيد إلا أن يكون له أموال مأمونة ، إلا أنه استسلم لقول مالك .

قال الشيخ : أصل المذهب يوجب ألا يرث كان للميت ولدا آخر أم لا; لأنه على وجهين : فإن لم يكن له مالك مأمون لم يتم العتق ، إلا بعد الموت ، وإن كان له مال مأمون كان ذلك إخراجا للأول عن الميراث أو عن بعضه إن كان [ ص: 3558 ] ثم من يشركه وقد يستخف ميراثه إذا كان ماله مأمونا للاختلاف في تزويج المريض ، وهو إدخال وارث وفي طلاقه وهو إخراج وارث ، وإن لم يكن وارث بحال رأيت أن يشتريه بجميع المال ، وإن اشتراه ببعضه ورث الباقي ولأن الأصوب فيمن لا وارث له أن يوصي بماله كله .

وقال ابن القاسم في كتاب محمد : إن اشترى أخاه في مرضه ورثه إن حمله الثلث ، وإن لم يحمله أعتق منه فأحمل الثلث معجلا .

وقال أصبغ : لا يرثه وإن حمله الثلث; لأنه لا تتم حرمته إلا بعد موت الميت ، إلا أن تكون للميت أموال مأمونة من عقار وغيرها فيرث ويورث ، وإن لم يحمله الثلث لم يعجل عتقه حتى يموت فيعتق في الثلث .

وقال أشهب : إن اشترى أباه وأخاه في مرضه واحدا بعد واحد بدئ بالأول وإن كانا في صفقة فقياس قول مالك يتحاصان . وأما في قولي فيبدى الأب ويرثه وإن لم يحمله الثلث . يريد : أنه يخرج من جميع المال . وقال محمد : إن حمله الثلث بدي وإن كان أقل جعل الفضل في الأخ ، وإن اشترى الأخ أولا ولم يحمله الثلث أعتق منه ما حمل الثلث وأعتق الأب في جميع الباقي ويرث إن فضل شيء ، وإن لم يخرج كله لم يعتق منه إلا ما بقي من الثلث بعد الأخ قاله أشهب أيضا . [ ص: 3559 ]

وقال ابن القاسم فيمن أوصى برقبة تطوعا ، فلا بأس أن يشترى أبوه أو أخوه ويعتق ، وإن كان ظهارا أو شبهه فغيره أحب إلي ، وإن أوصى أن يشترى أخوه ولم يقل : أعتقوه ، فليشتر ويعتق فإن ذلك قصده . وقال ابن عبد الحكم : إن اشترى عمه في مرضه وأعتقه لم يرثه بخلاف الابن . [ ص: 3560 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية