باب فيمن أوصى لعبده أو لعبد وارثه
وصية الميت لعبده على أربعة أوجه : إما أن يوصي له بجزء من ماله ، أو بدنانير ، أو بعرض ، أو يجمع الوصية بجزء وغيره ، أو بمنافع سكنى دار أو خدمة عبد . فإن أوصى له فقال : له ثلث مالي كان ثلث العبد عتيقا; لأن مقتضى الوصية أن له الثلث من كل شيء من العبد وغيره فيعتق ثلثه بالوصية .
واختلف في عتق الثلثين ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك :
يستكمل عتق العبد في بقية الثلث ، وجعل الاستكمال على العبد لا على السيد ، فقال : لأن العبد بين الرجلين إذا أعتق أحدهما نصيبه استكمل عليه فالعبد في نفسه أحرى أن يستكمل ما بقي منه على نفسه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم بها كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون : وإن كان معه وصية لأجنبي بالثلث تحاصا ، قال : ولا يبدأ بالعبد لأنه إنما أعتق على نفسه . وقال
المغيرة nindex.php?page=showalam&ids=12873وعبد الملك ابن الماجشون : يعتق ثلث العبد ولا يستكمل . ورأيا أن العتق من الميت ولا يستكمل على ميت ، وقال
المغيرة : فإن كانت معه وصية بمال بدئ بثلث العبد ، فإن فضل عن ثلثه شيء حاص به أهل الوصايا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن [ ص: 3583 ] الماجشون : يبدأ إلى منتهى عتقه ثم يكون مع الوصايا حصاصا .
واختلف بعد القول بالاستكمال في ماذا يستكمل؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يستكمل في بقية الثلث ولا يستكمل في ما في يديه من غير الوصية ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : يستكمل في ما في يديه ، قال : ولو لم يستكمل في ما في يديه لم يستكمل في بقية الثلث ، وعلى هذا يجري الجواب إذا أوصى له بسدس ماله ، يعتق سدس العبد ، ثم يختلف هل يستكمل خمسة أسداسه؟
فأما من قال : إنه يستكمل على العبد فلا يصح إلا أن يقول العبد بالخيار بين القبول والترك ، وإن قبل كان الورثة بالخيار بين أن يعتقوا أو يقوموا ، وعلى هذا يصح قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم إنه لا يبدى ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ألا يستكمل فيما في يديه أبين; لأن ثلثي ما في يديه للورثة ، وإنما يصح الاستكمال أن يدفع إليهم القيمة من غير ماله ولهذا فرق في القول الآخر ، ورأى أن يستكمل فيما وصى له به; لأنه لم يتقدم لهم فيها شرك ، وإن أوصى له بدنانير أو بثوب أو بعبد والثلث يحمله جاز وأخذ وصيته ولم يعتق منه شيء ، ويختلف إذا لم يحمله الثلث ولم يجز الورثة ، فعلى القول إنه يقطع بالثلث في عين الموصى به لا يعتق منه شيء .
وعلى القول إنه يقطع بالثلث شائعا يعود الجواب إلى الأول . ولو وصى له بثلثه ، وأوصى بجزء وبثوب أو عبد وحمل ذلك ثلثه مثل أن يوصي له بسدس ماله وبعبد هو تمام ثلثه ، فإنه يعتق سدسه بوصية الميت ثم
[ ص: 3584 ] يختلف في الاستكمال ، وفي ماذا يستكمل؟ هل في جميع ما في يديه وفيما وصى له به أو فيما وصى له به فقط؟
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز في الخامس من العتق فيمن أوصى لعبده بمال : لم يكن ذلك عتقا ودفع إليه ذلك إن خرج من الثلث أو ما خرج منه ، وإن أوصى له بشيء معين يستوعب ثلث الميت سوى ثمن العبد ، فكذلك لا يعتق منه شيء ، وإن كان مما لا يقطع له فيه بعينه مثل السكنى فلا تخرج الدار من الثلث ولم يسلموا كما أوصى الميت ، قطع للعبد بالثلث من كل شيء فحينئذ يملك العبد من نفسه جزءا فيعتق كله من الثلث .
ومن أوصى لعبده بربع نفسه وثلث ما بقي سوى العبد أعتق من العبد ربعه وأعطى وصيته مالا ، ولو قال : وثلث ما بقي ولم يقل مما سوى العبد ، أعتق كله في الثلث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن أوصى لعبده بخمسين دينارا ولا مال له غيره ، فقال الورثة : نبيعك ونعطيك ثلث ثمنك ، فقال : يعتق من العبد قدر الخمسين أو ما خرج منها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم فيمن قال : بيعوا عبدي وأعطوه ثمن نفسه أو من ثمنه فعلى ما قال ، ولا يعتق منه شيء . قال : ومن أوصى لعبده بثلث ماله وترك دينا ليس فيه إلا شاهد كان للعبد أن يحلف مع الشاهد ولو لم يوص للعبد بالثلث ، وإنما قال : عبدي حر لم يحلف مع الشاهد . وقال ربيعة في رجل
[ ص: 3585 ] أوصى لعبده ولامرأة له حرة ولأولاد له منها أحرار بثلث ماله ، قال : يعتق العبد; لأن لولده نصيبا من أبيهم وقد ملكوا بعضه فهو حر ، وما ملك العبد من نفسه حر . يريد أنه يعتق نصيب العبد ونصيب الأولاد ويرق الباقي ، وهذا الذي يقتضيه آخر جوابه ، وهو مثل قول
المغيرة ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم يستكمل على العبد . وإن كان الأولاد أربعة أعتق نصيبهم وهو أربعة أسداس ثلث الميت فإن كانت قيمته ثمانية عشر دينارا وللميت سواه ستة وثلاثون دينارا ، أعتق منه بالوصية دينار ، وهو نصيب العبد من نفسه وبالاستكمال ديناران فيكمل بذلك عتق سدسه . وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم يستكمل منه ما رق منه في الدينار وفيما بين يديه من غير وصية ، وأما نصيب الولد فإن كانوا قبلوا الوصية أعتق عليهم نصيبهم منه وهو ثلثا ثلثه ، ثم يختلف فيما بقي منه بعد ذلك رقيقا هل يستكمل عليهم إذا كان لهم مال؟ لأنهم فيه بمنزلة من أعتق شركا له في عبد وقد أعتق بعضه ، وقد تقدم في كتاب العتق الأول ذكر الاختلاف .
وهل زيادة العتق زيادة فساد؟ لأنهم إنما قبلوا ما بعضه حر فلا يستكمل على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم . ويختلف إذا لم يقبل الأولاد هل يسقط نصيبه من الوصية؟ فعلى القول إنه لا يستكمل عليهم إن قبلوه لا تسقط وصيتهم ، وعلى القول إنه يستكمل عليهم تسقط; لأنهم يردون خوف الاستكمال . والزوجة في
[ ص: 3586 ] نصيبها بالخيار بين أن تقبل ويفسخ النكاح ، أو لا تقبل وتبقى زوجة .