باب [فيمن أوصى بدينار من غلة داره ، أو بأوسق من غلة بستانه ، أو أوصى بغلته للمساكين]
وإذا
أوصى الرجل بدينار من غلة داره كل سنة ، فغلت سنة عشرة دنانير ، أخذ منها الموصى له دينارا ، وكانت التسعة الفاضلة للورثة من الآن ، فإن بارت الدار بعد ذلك أو انهدمت ، لم يكن للموصى له من تلك التسعة شيء . وإن قال : لك دينار كل سنة من غلتها ، أو لك من غلتها دينار كل سنة ، فبارت الدار أو انهدمت ، أخذ كل سنة دينارا من التسعة الباقية حتى تنجز ، ولو بارت من أول ثم بعد سنين أغلت قضى له مني هذه الغلة عن ماضي السنين ، إلا أن يكون ما غلت بعد موت الموصى له ، فلا يقضي منها عن الفارط في حياته ، وإذا أغلت أول سنة عشرة دنانير فأخذ دينارا ،
[ ص: 3662 ] وبقيت تسعة ، نظر في ذلك ، فإن كانت الدار مأمونة; لأنها لا تبور ، وإن بارت تأتي كل سنة بأكثر من دينار ، أخذ الورثة من التسعة . وإن كان يخشى ألا تأتي بذلك ، وقف منه ما يخاف ألا تأتي به ، إلا أن يكون الوارث مأمونا غير ملد ، ولا ممتنع ، ورضي أن يأخذها في ذمته فيكون أحق بها; لأن له فيها شبهة الملك ، والوقف غير مقيد للموصى له ، وإن أكراها الميت منه بالنقد ، لم يكن للموصى له من ذلك الكراء شيء ، وكان حقه فيما تكرى به بعد وإن أكراها بغير النقد ، كانت الوصية فيما يقبض من ذلك الكراء ، وإن أكراها الورثة سنة بالنقد أخذ الموصى له منه دينارا ، وإن أكروها سنة بدينار كل شهر ، كان للموصى له من كل دينار نصف سدسه ، ويسلم الباقي للورثة ، إن كانوا مأمونين ، وإن كانوا غير مأمونين أخذ الموصى له جميع الدينار المتقدم ; لأن وقف بقيته ضرر على جميعهم من غير منفعة ،
[ ص: 3663 ] وإن اختلفا هل تكرى بالنقد ، أو مؤجلا إلى آخر السنة ، حملا على العادة في تلك الديار ، فإن عدمت العادة ، أكريت مشاهرة; لأن كراء جميع السنة بالنقد فيه على الورثة بخس ، وهو بمنزلة من أسلم في سلعة لتقبض إلى أجل ، وإن أكريت سنة كل شهر بدينار ، ثم انهدمت بعد مضي شهر ، كان له ذلك الدينار إذا قال يعطى من الغلة كل سنة دينارا ، وإن قال : يعطى من غلة كل سنة دينارا ، كان له منه نصف سدسه هذا على مراعاة الألفاظ ، إلا أن يكون قصده مما حصل من الغلة كل سنة ، وكذلك إن مات الموصى له بعد شهر ، كان له نصف سدس دينار ، وإن كانت الوصية بأوسق من غلة جنانه فقال لهم : أعطوه خمسة أوسق من غلة كل سنة ، فغل خمسين وسقا ، أخذ الموصى له خمسة أوسق ، وكان الباقي للورثة ، فإن بارت بعد ذلك لم يرجع عليهم ، وإن قال : له خمسة أوسق كل سنة من الغلة ، وقف الباقي خوف أن يحبس الحائط فيما بعد فيقضى ذلك من الموقوف ، أو قدر ما يرى أنه يحتاج إليه . فإن جاءت الثمرة لقابل أخذ الموصى له الخمسة من الجديد; لأنه إنما
[ ص: 3664 ] وقف خيفة ألا يجد ، ولو كان مأمونا ، لم يوقف ، وإن مات الموصي ، وفي الحائط ثمر مزهية ، لم يكن للموصى له منها شيء ، وإن أزهت بعد موت الموصي أخذ منها الموصى له وصيته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في الموصى له بدينار من غلة عبده كل شهر ، أو من غلة حائطه يريد حياته : فإن ضمن له الورثة ذلك ، وإلا وقف العبد والحائط لذلك .
وقال فيمن أوصى لمواليات بآصع من ثمره ، فقال الورثة : نحن نضمن لك مكيلة مالك ، فليس ذلك عليها ، إلا أن يرضى ففرق بين الوصية بعين والوصية بالثمار ; لأن الوصية بالثمار كالسلعة المعينة ، فليس لهم أن يشتروها بغير رضى الموصى له ، والدينار لا تختلف فيه الأغراض ، ولو علم أن قصد الميت بذلك الإمساك على الموصى له لئلا يتلف ذلك إن أخذه جملة ، لم يجز رضاه ، وكان على الورثة أن يغرموا له وصيته كل سنة .
وقال
محمد : إن انهدمت الدار في حياة الموصي ، وهي تخرج من الثلث ،
[ ص: 3665 ] كان ما بين القيمتين ميراثا ، وتكون الوصية على حالها في القاعة ، فإن هدمها بعد الموت ، غرم ذلك الهادم ، وبنيت له تلك الدار ، وتكون الوصية فيها على حالها ، وكذلك لو كان حائطا فقطع نخله ، أو شجره ، لكان على ما وصفت لك في الدار .