صفحة جزء
فصل [في قول الرجل عشرة من عبيدي أحرار]

وإذا قال في صحته : عشرة من عبيدي أحرار ، وهم خمسون ، كان بالخيار في أن يعتق عشرة أيهم شاء ، وقد تقدم ذلك .

واختلف إذا أوصى بذلك في مرضه على خمسة أقوال :

فقال مالك في المدونة : يعتق خمسهم بالسهم ، خرج في ذلك خمسة أو [ ص: 3766 ] خمسة عشر .

وقال أيضا في المدونة وهو في كتاب ابن حبيب : إن خرج في الخمس أكثر من عشرة أعتقوا ، وإن خرج أقل ضرب بالسهم على الباقين حتى يستكمل عشرة ، ما لم يجاوز ثلث الميت .

وقال أشهب في كتاب محمد : ذلك واسع أن يعتق منهم بالسهم أو بالحصص ، وقال المغيرة في كتاب ابن سحنون : يعتق خمسهم بالحصص إذا كان العتق من الميت ، وإن أوصى ورثته أن يعتقوا عنه كانوا بالخيار ، أن يعتقوه أيهم شاءوا ، وقال مالك في كتاب ابن حبيب فيمن قال : رأس من رقيقي حر -وهم ثلاثة- يعتق ثلثهم بالسهم . ثم رجع فقال : ما هذا الذي أراد الميت ، وإنما أراد أن يعتق واحدا منهم ، فأرى أن يسهم بينهم ، فإن خرج واحد ، وهو أدنى من ثلثه أعتق ، ولم يعد السهم فيمن بقي ، وإن كان أكثر من ثلث قيمتهم أعتق كله إذا حمله الثلث ، قال مطرف : وبه أقول .

فعلى هذا إذا قال : عشرة ، وهم خمسون ، أعتق منهم تلك التسمية ، وسواء كانت قيمتهم أقل من الخمس أو أكثر إذا حملهم الثلث ، فأعتق في القول الأول خمس قيمتهم; لأنه عدل بين الميت وبين ورثته وبين العبيد; لأنه إن أعتق أعلاهم كان للورثة مقال أن يقولوا : لم يقصدهم الميت ، وللأدنى من [ ص: 3767 ] العبيد أن يقولوا : ليس لكم أن تخصوا الأعلى بالعتق لهم ، وحق جميعنا فيه واحد ، وإن أحب الورثة عتق الأدنى قيل لهم : للميت حق ألا تعطوه شرار ماله ، وللأعلى من العبيد حق أن يقولوا : ما لكم أن تخصوهم بالعتق دوننا ، وإن كان في الأوسط العدد الذي سمى الميت كان للأعلى والأدنى من العبيد مقال ألا يخص بالعتق الأوسط مع تساوي حقهم فيه فكانت القرعة ، وألا يخص بالعتق واحد دون الآخر من حق العبيد ، وأن تكون خمس القيمة عدلا بين الميت وورثته ، فإن مات منهم أربعون أعتق العشرة الباقية ، وسقط مقال الميت والورثة في أعلى وأدنى ، وكذلك العبيد . وإن أسقط الورثة في هذه المسألة مقالهم في الشركة مع حياة جميعهم لم يعتق منهم بالحصص; لأن الميت قال : عشرة ، وإنما أراد عتق تسمية من تلك الجملة بخلاف المسألة الأولى إذا أعتق جميعهم ، ولم يحملهم الثلث ، وأسقط الورثة مقالهم في الشركة أن يعتق من جميعهم بالحصص . وقوله في كتاب ابن حبيب أبين: أنه يعتق عشرة بالقرعة وقعت على الأعلى أو الأدنى ، [ ص: 3768 ] وهو الذي يقتضي قول الميت في قوله : أعتقوا عشرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية