صفحة جزء
فصل في إمامة الصبي

وفي إمامة الصبي ثلاثة أقوال، فمنعها في المدونة في الفرض والنفل ، وأجازها في المستخرجة في النفل خاصة ، وقال أبو مصعب: إن أم في الفريضة مضت صلاة من ائتم به.

وقال أشهب في مدونته في إمام أحدث فاستخلف صبيا فأتم بالقوم، قال: إن عقل الصلاة وأمر بها أجزأته، وأعاد من خلفه ما لم يذهب الوقت، فإن ذهب الوقت فلا إعادة عليهم.

فمنع من إمامته في الفرض; لأنه غير مخاطب بالصلاة من طريق الوجوب، فكان المؤتم به مفترضا خلف متنفل، ومنع من إمامته في النفل لأن عقده في [ ص: 327 ] حين دخوله في الصلاة غير لازم; بدليل أنه لو خرج من الصلاة قبل تمامها لم يكن عليه قضاؤها، بخلاف البالغ، وأجزأت عنه في القول الآخر في الفرض; لأن عقده عقد ما لم يخرج منه، وهذا مما لا خلاف فيه.

وقد جاءت السنة في حجه، وفي أمره إياه بالصلاة، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " مروهم بها لسبع، واضربوهم عليها لعشر" . فثبت بهذه الأحاديث أنه قد انعقدت عليه قربة، والحل أمر لم يأت بعد، وأنه مصلي الظهر إن كان في ظهر، ولا يقال: إنه مصل غيره، وإذا كان ذلك كذلك كانا في صلاة واحدة ظهرا أو عصرا لهما جميعا.

ويؤيد ذلك حديث أبي جميلة أنه كان يؤم قومه وهو ابن سبع سنين، قال: " وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم؟ فاشتروا لي قميصا" . ذكره "البخاري في آخر المغازي: قال: " وكان أبو جميلة أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج معه عام الفتح" . [ ص: 328 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية