صفحة جزء
فصل [في صفات المثلة]

والمثلة في صفاتها على خمسة أوجه :

فإن كانت إزالة عضو أو إفساده أو أنزل به شيئا يشوه به خلقه وساءت [ ص: 3851 ] منظرته ، وكان ذلك مما لا يزول ولا يعود إلى هيئته أعتق عليه . وإن كان الشين يسيرا أو كثيرا ويعود العبد إلى هيئته أو يبقى من الشين الشيء اليسير لم يعتق ، وهذا عقد هذا القسم فإن أبان من يده أنملة فما فوقها أعتق عليه ، وإن أبطل أنملة أو أصبعا ولم يبنها لم يعتق عليه ، ولأنه لا يشين به كبير شين إذا لم يبن ، ولو أبطل كفه فما فوق أعتق .

وقال ابن حبيب : إذا أذهب ظفره فما فوقه يعتق . وفيه نظر ، ولو قلع أسنانه أو أبردها فأحفاها أعتق عليه .

واختلف إذا قلع سنا أو سنين فقال مالك في كتاب محمد : يعتق عليه . وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب : لا يعتق إلا في جل الأسنان والأضراس .

قال الشيخ - رضي الله عنه - : وأستحسن أن يفرق فإن قلع سنين من الثنايا أو الرباعيات أن يعتق; لأن شينهما ظاهر ، ولا يعتق بثنية واحدة أو رباعية; لأنه لا يقع بذلك كبير شين . [ ص: 3852 ]

وأما الأرحاء فلا يعتق إن أزال له سنين; لأن شينهما غير ظاهر ، وإن أزال ما أفسد عليه استعمال الأكل وطحنه أعتق ، وإن جدع طرف أنفه أعتق; لأن ذهاب اليسير منه يقع به شين كبير . وقال مطرف وابن الماجشون : وإن خرم أنفه أعتق .

وقال مالك في كتاب محمد : إن قطع طرف أذنه أو بعض جسده أعتق عليه .

قال الشيخ : يريد إذا قطع ما يقع به شين بين فليس طرف الأنف كطرف الأذن وبضعة من جسده ، وذلك يختلف فالقليل إذا كان في الوجه شين ، وليس كذلك إذا كان تحت الثياب .

وقال ابن وهب وأصبغ : إذا وسم جبهته وكتب فيه آبق يعتق ، ولو فعل ذلك في ذراعيه لم يعتق ، وهذا إذا كان وسما بنار .

واختلف إذا كان وسم جبهته بمداد وإبرة وكتب فيه آبق ، فقال ابن وهب في العتبية : يعتق . وقال أشهب : لا يعتق . ورآه خفيفا ، وقد ذكر أنه ربما عمل له ما يزيله . [ ص: 3853 ]

وإن حلق لحية عبده أو رأس جاريته والعبد وغد والجارية ليست برائعة لم يعتقا .

واختلف إذا كان العبد التاجر والجارية الفارهة ، فقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب : يعتقان . وقال مطرف في الثمانية : لا يعتقان . والأول أحسن إذا كان ذلك شينا لا يعود بعده لهيئته ، وإن كان يعود لم يعتقا ، ومنع السيد من أن يخرجه يتصرف عليه حتى يعود لهيئته .

وقد تقدم ذكر الجباب وكي الفرج وفيه جاء الأثر ، ولو كان كي الفرج الشيء الخفيف لم يعتق به ، ولا يعتق العبد بشيء من الجراح إذا لم يذهب له بذلك عضو ، وقال ابن المواز عن مالك في امرأة عضت لحم جاريتها وأثرت بذلك أثرا شديدا : تباع عليها ولا تعتق .

وقال أشهب : إذا نيبتها في عضتها وذلك فلتة لم تبع ، وإن لم تكن فلتة بيعت ، وإن قطعت بذلك شيئا من جسدها أعتقت . [ ص: 3854 ]

وقال مالك : إذا ضرب عبده مائتي سوط أو ثلاثمائة سوط وبلغ ذلك منه لم يعتق إلا أن يبلغ الضرب منه ما يكون مثلة بينة شديدة من ذهاب لحمه ، فرب ضرب يذهب اللحم حتى يبلغ العظام فيصير جلدا على عظم يتآكل ، فإذا بلغ ذلك حتى يصير مثلة عند الناس أعتق . وكل موضع لا يعتق فيه العبد فإن العقوبة لا ترفع بالضرب والسجن على قدر فعله وما يرى أن فيه زجرا لغيره ، وأما البيع فإن كان ذلك فلتة منه لم يبع وإلا بيع ، فإذا كان العتق كان هو العقوبة إلا أن يرى لعظيم ما فعل أو لما يعلم من سوء حاله وتحامله أن تزاد عقوبته في جسمه بالضرب أو بالسجن فيفعل ، ولابن القاسم وأشهب في كتاب محمد العتق والعقوبة معا .

التالي السابق


الخدمات العلمية