صفحة جزء
فصل [في مدبر وهبه سيده وحازه الموهوب له ثم مات السيد ولا مال له سواه]

قال ابن القاسم في كتاب محمد في مدبر وهبه سيده ، وحازه الموهوب له ، ثم مات السيد ولا مال له سواه : فإنه يعتق ثلثه ، ويرق ثلثاه للموهوب له . قال محمد : ولو كان على السيد دين استحدثه بعد الهبة ، لكان المدبر للموهوب له ، أو ما رق منه ، ولو كان الدين قبل الهبة ، لكان أهل الدين أحق به بعده ، قال : وأما قول أشهب : فلو كان الدين القديم درهما واحدا والمستحدث يغترق بقيته ، لبيع كله ، قال : ولو أخدمه عشر سنين ، وحازه المخدم ، ثم مات السيد ، فإن خرج من ثلثه أعتق بالتدبير وسقطت الخدمة ، وإن لم يكن له مال سواه أعتق ثلثه ورق ثلثاه ، وكان المخدم أولى بما رق منه إلى تمام الأجل ، ثم يصير إلى الورثة ، وإن كان على السيد دين يحيط به سقط التدبير وكان المخدم أولى به إلى تمام الأجل ، وإن كان الدين يرق [ ص: 3937 ] بعضه كان ما يرق منه الدين للمخدم هو أولى به مع ثلثي ما يبقى منه ، فما رق منه للورثة فهو موقوف للمخدم إلى تمام الأجل ، ولو لم يكن الدين إلا دينارا واحدا لم يبع منه شيئا إلا بعد انقضاء الخدمة ، فإن قلت : إن المخدم يخدم ما يباع منه للدين إلى تمام الخدمة ويعتق ثلثا ما بقي الساعة ، رجع أهل الدين إلى ما أعتق أيضا ، فيقولون : كيف يعتق ولنا دين ولو درهم ، فيكون ذلك لهم ، ويكون الدين أولى من العتق والخدمة التي حيزت أولى من الدين ، وكل ما منع الدين عتقه فالخدمة التي قبل الدين أولى به إلى انقضائها ، قال : ولو آجر مدبره سنة ، وقبض أجرته ، ثم مات بقرب ذلك ، ولم يختلف إلا المدبر ، فقال ابن القاسم : إذا كان ثمن الإجارة يحيط برقبة المدبر- لم يبع منه شيء حتى يتم عمل السنة كلها ، فإذا انقضت- رق ثلثاه للورثة ، وعتق ثلثه ، وإن لم تحط الأجرة برقبته بيع من جميع المدبر بثلث الإجارة ، ويستخدم المستأجر ثلثيه ، فإن فضل منه أكثر من ثلثي المدبر بعد الدين بيع منه في ثلث الأجرة ، وعتق ما فضل عن ثلثي الرقبة ، ويخدم ثلثاه سنة ، فإذا مضت السنة أعتق منه تمام [ ص: 3938 ] الثلث فما بقي بعد الدين ، ورق ثلثاه ، ويرفع ثمن ما بيع منه عن ثلث الأجرة إلى الذي استأجره ، وينفسخ منه ثلث الخدمة .

قال محمد : إذا كان ثمن الأجرة لا يحيط برقبته فأحب إلي ألا يباع منه شيء ، ولو كانت الأجرة دينارا واحدا ، وكان ثمنه واسعا حتى تتم السنة ، فيخرج ثلثه كاملا; لأن كل ما يجب فيه البيع من رقبته ، فالمستأجر أولى به في أجرته من بيعه في الدين . قال : وإنما أراد ابن القاسم أن يعجل فيه العتق ولو بشيء ، وهو حينئذ يرق بذلك أكثر رقبته .

وقال ابن القاسم في المستخرجة : إذا كانت الأجرة تسعة دنانير ، واستهلكها السيد ، وقيمة الرقبة ثلاثون دينارا ، ولا مال له غيره ، قال : يقسم التسعة دنانير على قيمته ، فيصير على الثلث من المعتق ثلاثة دنانير ، فيباع منه لها ، ويعتق بقية الثلث وهو سبعة دنانير ، ويكون ثلث الخدمة للمستأجر ، وثلثها بين العبد والذي اشترى منه بثلاثة دنانير ، فإذا تمت السنة رجع إلى الورثة ، فيقول : كملوا لي ثلث الميت ، فيخرج ثلثاه وهو عشرون دينارا ، [ ص: 3939 ] وما صار إلى العبد وهو سبعة دنانير ، فجملة ذلك سبعة وعشرون دينارا ، فيعتق من ذلك الثلث وهو تسعة دنانير ، فيزاد العبد دينارين ، قال : ولو كان على السيد دين لأجنبي خمسة دنانير ، فإن هذه الخمسة دنانير تضاف إلى الثلاثة التي تنوب العتق; لأن ثلثي الورثة لا سبيل لأصحاب الدين عليه; لأن المستأجر أحق به ، ودين الأجنبي أولى من عتق المدبر ، فيباع من العبد بثمانية دنانير ، فإذا انقضت السنة ودفع ثلثا العبد للورثة- رجع عليهم ، فيعتق منه تمام الثلث . [ ص: 3940 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية