صفحة جزء
باب في الرهن في الكتابة

وإذا ارتهن السيد من مكاتبه رهنا بعد انعقاد الكتابة جرى ذلك الرهن على أحكام الرهان، فإن فلس السيد أو مات كان المكاتب أحق بالرهن إن كان قائما، وإن فات حاص بقيمته في الفلس والموت، واختلف إذا كان الارتهان في أصل العقد، فجعله ابن القاسم انتزاعا، وكأنه وعده أن يرده إليه، وأرى أن له أن يأخذه أو قيمته إذا فات، فإن وقع فلس أو موت لم يكن له أخذه وإن كان قائما ولا يحاص به في الفلس ولا يقاص في الفوت إن كان فائتا، قال: ولو كانت الكتابة على أن يسلف العبد السيد أو يبيعه سلعة بثمن إلى أجل ثم فلس السيد لم يدخل العبد على غرماء سيده، وقال غيره: الرهن في أصل الكتابة وبعدها سواء، ليس بانتزاع السيد ضامنا له إن تلف، ولم يعلم ذلك إلا من قوله، فإن كان يقوم بالدنانير، والكتابة دنانير كان قصاصا؛ لأن وقفها ضرر عليهما لا منفعة لهما فيه، إلا أن يتهم السيد بالعداء ليتعجل القيمة قبل وقتها فيغرم القيمة، وتوقف على يدي عدل، وإن كانت الكتابة عرضا أو طعاما كانت القيمة موقوفة لما يرجى من رخص ذلك، ويحاص بالقيمة في الفلس، وهذا القول أحسن؛ لأن المكاتب يزيد على نفسه لمكان ذلك الرهن، فدخل في المعاوضة على أحكام الرهن، ويلزم على قول ابن القاسم ها هنا أن السلف انتزاع أن يجيز الربا فيما بين السيد وعبده، وإن أخذ السيد [ ص: 4016 ] من عبده دنانير مصارفة كان أخذه الدينار انتزاعا، وقوله: أرد إليك الدراهم عدة، وإن دفع السيد دينارا كان ذلك هبة، وقوله آخذ منك دراهم انتزاع، وإن أخذ دينارا ليرد دينارين كان أخذه انتزاعا، ورده الدينارين هبة، وإن دفع دينارا ليأخذ منه دينارين كان الأول هبة والآخر انتزاعا.

التالي السابق


الخدمات العلمية