صفحة جزء
فصل [فيمن كان بموضع عجز فيه عن تبين القبلة]

ويختلف إذا كان في موضع لا يتبين فيه دليل لطلب القبلة هل يصلي صلاة أو أربعا؟

وقال محمد بن عبد الحكم: إذا كان محبوسا في موضع مظلم بحيث لا يستبين فيه علامات أو غير ذلك من سحاب أو مطر أو كان أعمى ولم يكن يميز القبلة; صلى إلى أي الجهات شاء، ليس عليه غير ذلك، قال: ولو قيل: إنه يصلي إلى الجهات الأربع لكان مذهبا.

قال الشيخ -رحمه الله-: هذا أصح; قياسا على الأواني إذا كانت أربعا أحدها طاهر وأربعة أثواب أحدها طاهر ولم يعرفه، فقيل: إنه يتوضأ بكل واحد، ويصلي أربع صلوات، وكذلك الثياب يصلي بكل واحد منها. فعلى هذا يصلي إلى الأربع جهات. ولو شك في ناحيتين خاصة لصلى صلاتين.

وقال أبو محمد عبد الوهاب : إذا كانوا جماعة واختلف اجتهادهم فرأى كل واحد منهم غير ما رأى الآخر، لم يكن لهم أن يأتموا بواحد منهم .

وقد اختلف في هذا الأصل إذا نزل فقال أشهب في كتاب محمد بن سحنون فيمن صلى وراء من لم ير الوضوء من مس الذكر: لا إعادة عليه، وإن صلى وراء من لم ير الوضوء من القبلة أعاد وإن ذهب الوقت; لأن القبلة من اللمس، وقال [ ص: 352 ] سحنون: هما سواء يعيد في المسألتين وليس أبدا، ولكن بحدثان ذلك .

وعلى هذا لا يصلي مالكي خلف شافعي; لإخلاله بمسح جميع الرأس على قول من أوجب مسح جميعه، ولا شافعي خلف مالكي; لإخلاله بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ويختلف إذا نزل هل تجزئ المأموم الصلاة.

وقال أشهب في مرضى في بيت مظلم صلى بهم أحدهم فإن تبين أن الإمام إلى القبلة وحده -أجزأته صلاته وحده وأعاد من خلفه، وإن أخطأ الإمام القبلة أعاد هو وهم، وإن أصابوا القبلة دونه .

وفارق هذا الإمام يصلي على غير وضوء وهو ناس أنها تجزئهم; لأن هؤلاء قصدوا إلى مخالفته في اجتهاده فصلوا إلى غير الناحية التي صلى إليها.

التالي السابق


الخدمات العلمية