باب في هدية المديان ومبايعته
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: ولا يقبل الرجل من غريمه هدية إلا أن يكون ذلك قد عرف بينهما قبل المداينة. يريد: ويهاديه بالقدر الذي كان يجري بينهما، وإن لم يكن بينهما في ذلك عادة، لم يجز، وردت، وقد علم من غير واحد أن ذلك لمكان الدين فإذا قضاه لم يهد إليه شيئا، فهي ربا، وقد كان في الجاهلية يزيده ليؤخره.
ولا فرق بين أن تكون تلك الزيادة طعاما، أو كسوة، أو ذهبا قبل الأجل أو بعده، فإن كانت الهدية قائمة ردها، وإن فاتت غرم المثل أو القيمة فيما يقضى فيه بالقيم، وإن هلكت بأمر من السماء أو حال سوقها غرم القيمة.
واختلف في مبايعته قبل الأجل: فأجيز بخلاف الهدية، وكره خيفة أن تكون زيادة من الغريم في الثمن إن كان هو المشتري أو سماحة إن كان هو البائع فتكون هدية مديان. فإن نزل ذلك نظر إلى الثمن فإن كان هو ثمن مثله أو كان فيه غبن على الغريم بالشيء اليسير حمل على السلامة، وإن كان الغبن كثيرا، لم يجز، ويكره أن
يشتري الغريم من الطالب بعد محل الأجل لئلا يتذرعا بذلك إلى هدية مديان، أو فسخ دين في دين، فإن فعل ولم يكن فيه سماحة أو كانت وقضاه الدين بفور ذلك مضى، وإن طالت علمت تلك
[ ص: 4211 ] السماحة أنها لموضع التأخير فترد السماحة.
ويكره أن يبيع الطالب من الغريم خيفة أن يزيده في الثمن ليؤخره أو يعملا على فسخ دين في دين، فإن نزل ذلك، وكان ثمن الثاني يسيرا مما لا يتهمان فيه على فسخ دين في دين، ولم يزده في الثمن مضى، وإن زاده في الثمن وأعقبه تأخيرا حملا على أنهما قصدا بالزيادة التأخير، وإن كان ثمن الثاني قريبا من الدين الأول حملا على فسخ دين في دين إلا أن يعلم أنه اشترى الثانية ليقضيها لغريم آخر، أو ما أشبه ذلك فيجوز.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: وكذلك من قارضته، فلا تقبل منه هدية كالدين؛ لأن القصد إذا لم يكن بذلك عادة بينهما قبل أن يفعل ذلك، ليقره في يديه إذا كان الآن ناصا، وإذا نص ألا يأخذه ويتمادى في العمل، وتكره
هدية صاحب المال للعامل؛ لأنه يفعل ذلك ليتمادى له في العمل إن كان فيه خسارة فيجبرها وإن لم تكن فيه خسارة ليتمادى في العمل ولا يفاصله في الربح الآن.
وقد اختلف فيمن كان في يديه قراض على النصف هل يجوز أن يزيده على أن الثلث لأحدهما، فمنعا مرة لهذا الوجه الذي تقدم ذكره.
[ ص: 4212 ]