صفحة جزء
باب فيمن باع أمة ولها ولد حر يرضع

وقال مالك- في من باع أمة ولها ولد حر يرضع، واشترط رضاعه على المشتري: ذلك جائز إذا كان إن مات الصبي أخلف له آخر.

قال سحنون: يجوز ذلك إذا كان عليه دين فباعها السلطان، أو احتاج ولم يجد شيئا، وأكرهه إن لم تكن حاجة؛ لأن المبتاع لعله يظعن بالجارية، فيكلف للصبي مؤنة، ولا يدرى ما يلحقه وذلك غرر.

قال الشيخ - رضي الله عنه: اشتراط رضاع الولد الحر على أربعة أوجه: إما أن يكون مضمونا ليس في عين الولد ولا في عين الأم، أو شرطا في عين الولد والأم، أو مضمونا من ناحية الأم وحدها، أو من ناحية الولد، فإن كان مضمونا فيها، جاز، فإن مات الولد كان للبائع أن يخلفه، وإن لم يخلفه، لم يرجع بشيء، وإن ماتت الأم أو انقطع لبنها كان على المشتري أن يأتي بغيرها، وإن اشترطا أن ذلك معين فيهما جميعا جاز، ومن مات منهما وجبت المحاسبة، والرجوع بما ينوب الرضاع.

وإن شرطا أن ذلك مضمون من ناحية الأم، معين من ناحية الولد، فماتت الأم أخلف المشتري غيرها، وإن مات الولد وجبت المحاسبة، وعكسه أن يكون معينا من ناحية الأم مضمونا من ناحية الولد، فإن ماتت الأم وجبت [ ص: 4269 ] المحاسبة وإن مات الولد أخلف في مكانه غيره. وإن شرطا الرضاع في عين الأم، على إن ماتت أخلف المشتري غيرها من يرضع مكانها، لم يجز على قول مالك؛ لأن المعين المستأجر لا يخلف، ويجوز إن اشترطا تعيين الولد وخلفه؛ لأنه مستأجر له.

ولم يختلف المذهب على أنه يجوز أن يستأجر على رضاع الولد بالنقد، وإن كان على أن لا يخلف إن مات، وإذا كان ذلك فلا فرق بين أن يكون الثمن عينا أو ثوبا، أو بعض الأمة المبيعة. وإذا جازت الإجارة على ذلك بالنقد، جاز أن تضم الإجارة إلى بيع، وإن شرطا أن ذلك في عين الأم وعلى أن يخلف، كان أثقل؛ لأنه لا يجوز أن يباع ويستثنى رضاعها ذلك القدر لغير ولدها.

ولا أرى أن يفسخ إذا اشترط رضاعها لولدها؛ لأنا نعلم أنه لو اشترط أن يكون مضمونا لم ترضعه إلا هي، وأن المشتري لا يتكلف إجارة غيرها لرضاعه، فكأن الشرط وغيره سواء، ولأنا نعلم أنه لو باع رجل أمة لا لبن لها، وشرط على المشتري أن يكون عليه رضاع غلام عنده يتكلف ذلك المشتري لم يشترها بشيء.

ولو باع رجل أمة لها لبن على أن ترضع ابنا للبائع، لم يجز، بخلاف رضاعها ولدها؛ لأنه إذا اشترط أن ترضع ولد البائع لم يقدر المشتري على السفر ولا البينونة بها، وإن كان ولدها لم يمنع منها؛ لأنه يسافر بها وبولدها إذا كان عتيقا، ولو أراد المشتري أن يفرق بينهما لم يكن ذلك له. [ ص: 4270 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية