صفحة جزء
باب في عهدة ما يبيعه الرجل لغيره كالوكيل والوصي والقاضي

البائع لغيره سبعة: سمسار، ووكيل على معين، ووكيل مفوض إليه، ومبضع معه، ومقارض، وشريك في معين، وشريك مفوض.

فأما السمسار يستحق ما باعه، أو يوجد به عيب فلا عهدة عليه، والتباعة على المبيع له إن عرف، وإن لم يعرف كانت مصيبة ذلك من المشتري.

وأما الوكيل على شيء بعينه، فعليه التباعة إن لم يبين أنه وكيل، فإن بين فلا شيء عليه.

وكذلك الوصي يبيع على من يلي عليه النفقة، أو لبعض مؤنه ويبين ذلك فلا تباعة عليه، وإنما يرجع في عين ذلك الثمن إن وجد قائما، فإن أنفقه على من يلي عليه لم يكن عليه شيء، وأجيز البيع على هذه الصفة، أنه متى وجد عيبا أو استحق المبيع بعد إنفاق الثمن على اليتيم، أن لا شيء له للضرورة. وبيع القاضي كبيع الوصي في أن لا تباعة عليه.

ويفترق الجواب فيمن صرف إليه الثمن، فإن كان البيع للإنفاق على الأيتام أو للصدقة، رجع على من قبض الثمن إن كان قائما في الاستحقاق والعيب، وإن أنفقوه لم يرجع عليهم بشيء. ولو اشترى به رقبة وأعتقت، كان في رد العتق قولان: فقال -في كتاب الوصايا من المدونة: يرد العتق. وقال -في كتاب محمد: لا يرد ويغرم الوصي. والأول أحسن، وإن كان [ ص: 4443 ] البيع لإنفاذ ديون على مفلس، رجع على الغرماء كان المال قائما أو استهلكوه أو ضاع منهم.

وبيع العامل في القراض كبيعه لملك نفسه، وهذه العادة أنه إنما يعامل على ذمته، فإن هلك ذلك المال رجع على ذمته، وكذلك إن دفع المال إلى صاحبه، كان المشتري بالخيار بين أن يتبع العامل أو صاحب المال، ما لم يجاوز ما قام به المال الذي رجع إلى صاحبه، فليس له إلا ما رجع إليه، ويتبع العامل بالعاجز.

وبيع الشريك إذا كانت الشركة في شيء بعينه، وأخبر حين البيع أنه بينه وبين فلان، كان كبيع من تقدم إذا كان وكيلا على معين، لا شريك فيه ولا تباعة عليه في نصيب شريكه. وإن كانت الشركة في غير معين، كان بمنزلة من باع ملك نفسه، فللمشتري أن يرد عليه ويأخذ جميع الثمن. وإن تجر الوصي ليتيمه أتبعت ذمته، كالوكيل المفوض إليه والعامل بالقراض، وهو في هذا بخلاف ما يبيعه للإنفاق على اليتيم؛ لأن هذا ضرورة، وهذا لا ضرورة فيه.

ويفترق الجواب أيضا في تعلق اليمين على من لا عهدة عليه في اليمين، فيسقط في الاستحقاق إلا أن يقوم دليل تهمة أنه كان عالما، وتسقط اليمين في العيب عمن هو معروف بالسمسرة.

واختلف في الوكيل إذا باع وأخبر أنه وكيل، فقال -في المدونة: يحلف. وقال -في كتاب محمد: لا يمين عليه؛ لأنه لو أقر أنه كان عالما بالعيب لم يرد البيع. وأما المفوض إليه والمقارض وأشباههم فعليهم اليمين.

واختلف بعد تسليم القول بوجوب اليمين إذا اشترط ألا يمين عليه؛ [ ص: 4444 ] فقال مالك -في كتاب محمد، فيمن وكل على بيع سلعة فباعها على أن لا يمين عليه، ثم وجد بها عيبا- فقال: لولا أني أقطع السنة لرأيت ذلك، قد استحلف عثمان عبد الله بن عمر.

وأما الرجل الوصي المأمون الذي يعرف بالحال، وأنه يقول: لا أحب أن أحلف لقوم آخرين، فأرى ذلك له، ولولا أن السنة في ذلك اليمين لرأيت ذلك، ثم قال: أما الوصي والوكيل فذلك له. وبهذا أخذ محمد. [ ص: 4445 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية