باب في شركة الأبدان كالصناع، والأطباء، والمعلمين، والحمالين، واللذين يحشان أو يحتطبان أو يصيدان
الشركة بالأبدان: إذا كانا صاحبي صنعة، تجوز بخمسة شروط، وهي:
أن تكون الصناعة واحدة، ويكونان في السرعة والإبطاء، والجودة والدناءة واحدا أو متقاربا، ويعملان في موضع واحد، وتكون الأداة والآلة التي يعملان بها بينهما. وهذه جملة متفق عليها، فإن انخرم شرط من ذلك فسدت تارة، وتارة تصح على اختلاف فيها.
وإن اختلفت الصناعة فكان أحدهما صواغا أو خياطا، والآخر طرازا أو حائكا، لم تجز الشركة; لأنه لا تصح منهما معاونة.
[ ص: 4797 ]
والتقدير عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن كل واحد باع نصف كسبه بنصف كسب صاحبه.
وكذلك إذا كانت الصنعة واحدة وكانا يعملان في موضعين مفترقين ولم يتعاونا، وإن اختلطا كان بيع منافع بمنافع وذلك جائز، وإن كان جنسا واحدا وكان أحدهما أسرع بالأمر البين، جازت الشركة على قدر أعمالهما ولم تجز على المساواة.
وإن تباينت صناعتهما بالجودة والدناءة وكان أكثر ما يصنعانه ويستعملان فيه الأدنى، جازت الشركة; لأن الأعلى يعمله الأدنى، ولا حكم للقليل. وإن كان أكثر ما يدخل إليهما ما يعمله الأعلى أو كان كل واحد منهما كثيرا، لم تجز الشركة للغرر والتفاضل; لأن أحدهما يصنع دون الآخر.
واختلف
إذا كانت الصنعة جنسا واحدا، وكانا يعملان منفردين كل واحد في موضع على حدة، فمنعه في "المدونة" وأجازه في "العتبية".
وقد اختلف في هذا الأصل فيمن استأجر أجيرا على أن يأتيه بالغلة فأجيز ومنع، فعلى القول بإجازته تجوز الشركة إذا كانا يعملان في موضعين
[ ص: 4798 ] والصناعة متفقة أو مختلفة; لأن كل واحد منهما باع نصف منافعه على أن يبيعها لمشتريها منه، ولا فرق بين أن يستأجره على أن يجيئه بالغلة بدراهم أو بنصف منافعه، فإن قدره منافع بمنافع جاز الجميع في الشريكين، وفي الإجارة على أن يأتيه بالغلة وإن قدره كسبا بكسب، لم يجز الجميع.