باب في نفقة أحد الشريكين [ونفقة العيال]
وإذا
كان الشريكان لا عيال لهما، أو لهما عيال سواء، أو بينهما الشيء اليسير كانت النفقة والكسوة ملغاة، وسواء كانا في بلدين أو في بلد واحد اتفق سعرهما أو اختلف، هذا هو الظاهر من المذهب. والقياس: إذا كان البلدان قرارا لهما أيحاسب من كان في البلد الغالي بما بين السعرين؟ فإن لم يكن واحد منهما في قراره لم يحسبا ما بين السعرين، وإن كان أحدهما في قراره وهو أغلاهما سعرا حوسب بما بين السعرين، وإن كان الآخر أغلاهما لم يحاسب بذلك الفضل; لأنه خرج من سبب المال ولتنميته، وقد كان في مندوحة عن الإنفاق من ذلك الغلاء، فإذا كان كل واحد في قراره، أو كان أغلاهما من هو في قراره دون من خرج لسبب المال، كان من حق أقلهما سعرا أن يحسب; لأن الأصل أن نفقة كل واحد من الشريكين على نفسه وعياله مما يخصه، وما سواه فهو للعادة، فإن كانت العادة الإنفاق من الأوسط، جاز ذلك على أصل ما تجوز عليه الشركة، وهي المساواة في الانتفاع، وأن يكون الربح على قدر رؤوس الأموال، فإذا تراضيا على أن يأخذ أحدهما من الربح أكثر من الآخر لم يجز، وكل
[ ص: 4832 ] موضع تلغى فيه النفقة فإنه تلغى فيه الكسوة إذا كانت مما تبتذل.
وإن تساوى العيال في العدد وتباينوا في السن تحاسبوا بفضل ذلك كتباين اختلاف العدد. وإن كانت مما لا تبتذل واشتريت من مال الشركة، كان ربحها داخلا في المال وخسارتها على مشتريها ويحاسب بما وزن فيها، وإن علم لذلك قبل دفع الثمن، كان الشريك الآخر بالخيار بين أن يردها للشركة أو يمضيها له خاصة ويمنعه من وزن ثمنها من مال الشركة، إلا أن يسقط من نصيبه من المال قدرها.
وإن غاب المشتري وطلب البائع الشريك الآخر بالثمن، لم يكن ذلك له. وإن قال مشتريها: اشتريتها على غير مال الشركة لاستقراض الثمن أو لأخذه من الشركة وتسقط الشركة فيما ينوب ثمنها، كان ذلك له ولم يكن للآخر من ربحها شيء.
وإن اختلف رأس المال فكان لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث وتساوى العيال، لم ينفق صاحب الثلث من المال إلا بقدر جزئه، ولم يجز أن ينفق بقدر عياله ليحاسب بذلك في المستقبل; لأنه لا يأخذ من المال أكثر مما أخذ صاحبه.
[ ص: 4833 ]