باب في الثوب وغيره يفسد عند الصانع وما يضمن من ذلك
لا يخلو إفساد الثوب عند الصانع من ثلاثة أحوال: إما أن يكون ذلك من سبب الصانع، أو من سبب غيره من الآدميين، أو من غيرهما: كالفأر، والسوس، والنار.
فإن كان الفساد من قبل الصانع في القصارة أو الطراز أو الخياطة، وكان يستطاع أن يعاد القصارة، أو يفتق الطرز والخياطة ويعمله على ما شرطه عليه- لزمه ذلك، وإن كان لا يستطاع ذلك، وكان الفساد يسيرا غرم النقص ولم يضمن جميعه، وإن كان كثيرا ضمن جميعه وقد تقدم ذلك.
وإن كان ذلك من فعل غير الصانع وعلم ذلك ولم يكن في ذلك من الصانع تفريط - كان الغرم على الأجنبي دون الصانع، وإن كذبه المدعى عليه حلف وبرئ، وكان الغرم على الصانع، وإن صدقه برئ الصانع وغرم الأجنبي; لأنه لا يتهم أن يواطئه على الإقرار في مثل ذلك.
وإن كان هلاكه منهما جميعا، فكان من الصانع تفريط ومن الآخر إفساد - كان لصاحب الثوب أن يطالب بقيمة ثوبه أيهما أحب، فإن أخذ بذلك الصانع رجع الصانع على الأجنبي، وإن أخذ بذلك الأجنبي لم يرجع الأجنبي على الصانع بشيء، وإن كان من الصانع تسليط بغلط أو عمد كان
[ ص: 4888 ] لصاحب الثوب أن يبتدئ بالصانع.
واختلف: هل له أن يبتدئ بالأجنبي؟ فإن ابتدأ بالأجنبي لم يرجع الأجنبي على الصانع، وإن ابتدأ بالصانع، نظرت: فإن كان ذلك التسليط بعمد لم يرجع على الأجنبي بشيء، واختلف إذا كان تسليطه بغلط.