صفحة جزء
[ ص: 4995 ] باب في تضمين صاحب الحمام والحارس فيه، وفي حامل الطعام والأجير يدعي الضياع أو يهلك ذلك من سببه

اختلف في تضمين صاحب الحمام في ما ذهب من الثياب، فقال مالك في "المدونة": لا ضمان عليه.

وقال في "كتاب محمد": يضمن إلا أن يأتي بحارس. وإذا أتى بحارس سقط الضمان عنه، وعاد الخلاف في الحارس. فقال في "المدونة" وفي "كتاب محمد": لا ضمان عليه.

وقال ابن حبيب: يضمن لأنه أجير مشترك. وأن لا ضمان عليهما أحسن; لأن صاحب الثياب إنما اشترى منافع هو يتولى قبضها بنفسه، وهو الانتفاع بالحمام والثياب خارج وديعة لا صنعة فيها ولا إجارة عليها.

وإذا دفع صاحب الثياب أجرة الحارس كانت الأجرة للأمانة، وهو بمنزلة من أودع وديعة بإجارة فليس أخذ الأجرة عليها مما يخرجه عن أن يكون أمينا إلا أن يظهر على الحارس الخيانة فينتقل الحكم فيه ويضمن. [ ص: 4996 ]

وقال ابن القاسم في "العتبية": إذا قال الحارس: جاءني إنسان فشبهته بك ودفعت إليه الثياب ضمن. وكذلك أرى إذا أتى إنسان فأخذ ثيابا فتركه ظانا منه أنه صاحبها فإنه يضمن، وإن سرقت من الحارس لم يضمن، ولا يضمن حارس الطعام لأنه أمين.

قال محمد في من استؤجر يحرس بيتا فنام فسرق البيت فلا ضمان عليه، وسواء كان مما يغاب عليه أم لا وله أجره كله، قال: وكذلك جميع الحراس لا ضمان عليهم طعاما كان أو غيره.

وهذا في سقوط الضمان أبين من حارس الحمام; لأن هذا أقامه المالك واختاره لنفسه، وحارس الحمام مقام من صاحب الحمام ولم يختاروه لأنفسهم. وكذلك حارس الأندر لا ضمان عليه إلا أن تلجئ قوما ضرورة إلى من يخاف من الطعام منه فيستأجر؛ تقاية لشره وليدفع شر قوم آخرين فيضمن، أو تعلم منه الخيانة فيضمن. [ ص: 4997 ]

وإذا هلك المستأجر عليه; لأنه سقط عن حامله أو من يده أو عثر به كان من صاحبه دون الحامل، إلا أن يكون حمل فوق طاقته أو على صفة لا يحمل عليها، أو كان شأنه العثار فيضمن.

واختلف إذا مشى على شيء فأفسده، فقال ابن القاسم: لا شيء عليه، وقال غيره: هو ضامن. وهو أحسن; لأنها جناية على ملك الغير. [ ص: 4998 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية