[ ص: 5025 ] كتاب كراء الدور والأرضين
النسخ المقابل عليها
1- (ت) = نسخة تازة رقم (234& 243)
2- (ر) = نسخة الحمزوية رقم (110)
[ ص: 5026 ] [ ص: 5027 ] بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وسلم تسليما
كتاب كراء الدور والأرضين
باب فيمن
اكترى دارا وفيها شجر واشترط ثمرتها
ومن "المدونة" قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: ومن اكترى دارا وفيها شجر فاشترط ثمرتها، فإن كانت طابت جاز ذلك قليلة كانت أو كثيرة، وإن لم تطب جاز ذلك بأربعة شروط، وهي: أن تكون تبعا للسكنى في القيمة، ويشترط جملتها، ويكون طيبها قبل انقضاء أمد الكراء، وكان قصده باشتراطها دفع المضرة في التصرف إليها جاز.
وإن قال: أردت بذلك الرغبة فيها خاصة لم يجز. فمتى انخرم أحد هذه الشروط لم يجز. فمنع إذا لم تكن تبعا; لأنها مقصودة في نفسها، ويمنع إذا استثنى البعض إذا لم تكن تبعا; لأن مضرة الدخول والتصرف باقية، ويمنع إذا كان طيبها بعد انقضاء الوجيبة; لأن الثمرة تأتي ولا كراء
[ ص: 5028 ] له. فأما كونها تبعا بأن تكون قيمتها دون الثلث، ولا يجوز إذا كانت أكثر من الثلث.
واختلف إذا كانت الثلث ولم تزد، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك المنع، وبلغه عنه الجواز. وقد أجيز الثلث، ولم يجعل في حيز الكثير مساقاة البياض مع الأصول، وفي حلية السيف والمصحف أن يباع ما فيه من ذهب أو فضة، ولم ير أن ذلك من الربا لما يدخله من التفاضل.
وقياس قوله في الدار أن يمنع ذلك فيها ولا يبلغ به الثلث، ومما جعل الثلث فيه من حيز القليل، هبة ذات الزوج، ووصية المريض، فإنه لا مقال في ذلك للورثة، وإنما مقالهم فيما زاد على الثلث.
ومما جعل الثلث فيه من حيز الكثير: الجوائح، وجناية الخطأ إذا بلغت الثلث حملتها العاقلة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب: لا تحملها إلا أن يزيد على الثلث. فأما الثمار فيفضل منها; لأن الغالب في السقوط أنه لا يبلغ الثلث، فإذا بلغ ما الغالب فيه السلامة، حط عن المشتري.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في اعتبار قيمة الثمرة في الدار: إن ذلك على ما عرف من عادتها في كل عام بعد مؤنتها، وقيمة كراء الدار بغير ثمرة مثل المساقاة إذا كان فيها بياض، يقال: ما قيمة الثمرة فيما عرف من بيعها في مضي أعوامه؟ ثم ينظر إلى قيمة السقي والعلاج فيحط من ذلك، ثم ينظر إلى ما بقي من
[ ص: 5029 ] النفقة، فقد يكون ثمنها ثلاث مائة وتكون مؤنتها في عملها مائة وكراء الأرض خمسين ومائة، فلو لم تحسب المؤنة جازت المساقاة.
وفي كلا الجوابين نظر; لأنه جعل القيمة في مسألة الدار على السلامة ثم حط ما ينوب السقي، وقيمتها على هذه الصفة أعلى من الصفة التي دخل عليها مشتريها.
والصواب أن يقال: كم قيمتها على أن سقيها على مشتريها، وعلى أن المصيبة إن كانت من المكتري، وعلى أنه إن جاءت على خلاف المعتاد لم يكن له مقال؟ لأن ابن القاسم لا يرى له مقالا متى أجيحت، فينبغي أن تقوم على ما اشتري عليه، فإن كان الكراء بالنقد قومت الثمرة بالنقد; لأنه أبخس لقيمتها، وإن كان الكراء على أنه يقبض مشاهرة قومت الثمرة على ما ينوبها يقبض مشاهرة.
وقوله في مسألة المساقاة: يحط من قيمة الثمرة قدر السقي والعلاج غلط; لأن السقي والعلاج ثمن الثمرة فكيف يصح أن يحط أحدهما الآخر، وإنما باع العامل منافعه، وهو ما يتولى من عمل وسقي بالجزء الذي يأخذه بعد الطيب، وإنما يطيب ذلك الجزء على ملك صاحب الحائط، ولهذا قيل: تجب فيه الزكاة إذا كان في جميعها خمسة أوسق وإن كان العامل عبدا أو نصرانيا، فإذا
[ ص: 5030 ] كانت قيمتها سالمة ثلاث مائة وقيمة البياض مائة وخمسين، جازت المساقاة ولا يصح أن يحط العمل.
وقد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب أنه أجاز اشتراط بعض الثمرة. والذي رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=12321لأشهب أنه إنما أجاز ذلك إذا بيعت الأصول، فاستثنى المبتاع بعض الثمرة، أو بيع العبد واستثنى المشتري بعض ماله. وقوله في هذين حسن; لأن ذلك الاشتراط لم يكن لأجل مضرة تدخل على المشتري، واشتراط جميع ذلك جائز مع الاختيار، وكذلك البعض، ولا يجوز ذلك في مسألة الدار; لأنها إنما أجيزت للضرورة.
وقد تتوزع في هذا الأصل إذا كانت الثمرة تختلف في سنة أقل من الثلث وفي سنة أكثر وإذا جمع جميعها كان الثلث فأقل، وفي إذا كانت ديارا ثمرة بعضها أقل من الثلث، وثمرة بعضها أكثر، وجميعها الثلث فأقل، هل يجوز ذلك أم لا؟ وأرى أن يجوز ذلك في الدار الواحدة; لأنها منافع واحدة والقصد رفع الضرر منها، ولا يجوز في الديار ولا في السيوف إذا كانت جملة، حلية بعضها أقل من الثلث والآخر أكثر، وهو بمنزلة صفقة جمعت حلالا وحراما.