باب في
اختلاف رب الدار والساكن في بعض بنائها وبعض أنقاضها
وإن اختلفا في فرش الدار أو في شيء من أبوابها، كان القول قول صاحب الدار مع يمينه، إلا أن يقوم للآخر دليل على صدقه من جدة البناء أو باب وضعه، ويقول صاحب الدار: كنت وضعته في وقت كذا، لوقت لا يشبه أن يكون كما قال ألا يتغير، فيكون القول قول المكتري.
وإن اختلفا في شيء مقلوع، كان القول قول المكتري، إلا أن يقوم للآخر دليل على قوله، مثل: أن يكون للبيت فرد باب، ويقول: لم يكن له غيره. ويقول أهل المعرفة: إن هذا المقلوع صاحبه. أو يختلفان في خشبة وقد زال موضعها من السقف، وهي مثله في النقش والصنعة فيصدق صاحب الدار، وقد يقوم دليل على صدق الساكن; لأن هذه جديدة وغيرها قديمة، أو هذه قديمة والسقف جديد.
وإن
اختلفا في بيت، فقال المكري: كان فيها. وقال الآخر: لم يكن فيها أنا بنيته. فإن كان لا يشبه أن يكون إلا قديما; صدق صاحب الدار بغير يمين. وإن كان لا يشبه أن يكون إلا محدثا; قبل قول المكتري بغير يمين. وإن أشكل الأمر، كان القول قول صاحب الدار مع يمينه.
وإن أقر أنه أذن له في بناء بيت وأشكل الأمر فيه هل كان قبل أو بعد؟ قيل لصاحب الدار: فأين الموضع الذي أذنت له يبني فيه؟ فإن ذكر موضعا لا يشبه أن يعمل فيه بيتا; قبل قول
[ ص: 5079 ] المكتري مع يمينه، وقد يكون هذا البيت هو تمام الدار ولا يعمل في غير ذلك الموضع.
وإن ذكر موضعا يشبه أن يعمل فيه بيت، كان قد أتى كل واحد منهما بما يشبه، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: القول قول المكتري؛ لأنه عنده مؤتمن. فكان القول قوله فيما اؤتمن عليه أن يفعله وهو البناء، وإن كان ذلك يؤدي إلى إبراء ذمته، كما قال في "المستخرجة" إذا أذن لغريمه أن يشتري بالدين الذي في ذمته، فقال: اشتريت وضاع; أنه يقبل قوله. وقال غيره: لا يقبل قوله; لأن الكراء في ذمته فلا يخرجه من الدين إلا البينة.
وإن تصادقا أنه بناه وخالفه فيما أنفق فيه، فإن لم يكن حاضرا في حين الإنفاق صدق المكتري، وإن كان حاضرا ولم يكن أذن له أن يدفع إلا ما يأمره بدفعه كان القول قول المكري مع يمينه.
وقوله: ابن لي بيتا. بخلاف قوله: كل لي الطعام الذي عندك ويكون وديعة عندك; لأنه في ذمة فلا تصح الأمانة إلا بعد إخراج ما في الذمة.
وكذلك قوله: ادفع لفلان; لأن فلانا إنما يصح كونه أمينا على ما يصير إليه بعد ثبات البراءة للأول.
وقوله: ابن بالكراء. كقوله: اشتر بالدين سلعة. فالشراء يصح قبل إخراج ما في الذمة; لأنه إذا اشترى وزن وهو أمين على الشراء، وكذلك البناء يصح أن يشتري الآجر ويستأجر ثم يزن وهو أمين على الشراء والإجارة; لأن ذلك
[ ص: 5080 ] ليس من حق المداينة ولا تعلق للمداينة الأولى به، وكان القول قوله أنه فعل ما اؤتمن عليه، وإذا كان كذلك لم يحمل عليه أنه غصب من اشترى منه ومن استأجره حقوقهم.