باب في
المقارضين يعملان لرجل بمال على أجزاء مختلفة
قال: وإذا دفع رجل لرجلين مائتي دينار قراضا فعملا فيها على أن لرب المال النصف ولأحدهما الثلث وللآخر السدس، فإنه لا يخلو اختلاف جزء العاملين من أربعة أوجه: إما أن يكون ذلك اشتراطا من رب المال أعطى كل واحد مائة بانفراده على أن لأحدهما ثلثي الربح وللآخر ثلثه فاشتركا في العمل من غير علم صاحب المال، أو كان ذلك برضاه من غير شرط كان في أصل القراض فذلك جائز، وليس لواحد منهما سوى ما راضاه عليه صاحب المال، وإن كان ذلك بشرط من صاحب المال كان فاسدا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم. قال: وكأن صاحب المال قال: اعمل مع هذا على أن لك بعض ربح ما يعمل.
والقياس أن يكون جائزا، والمعارضة التي عارض بها
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون صحيحة؛ لأن رب المال هو المستأجر لهما، وله أن يكارم أحدهما أو يوافقه بأكثر من الجزء الذي يعمل به أمثاله ويكايس الآخر وينازله إلى دون
[ ص: 5242 ] أجر مثله، وصاحب المال المستأجر لهما بالجزء ومشاركتهما إنما هو عمل يعمل وقد تساويا فيه فلم يكن لأحدهما على صاحبه رجوع، والأعواض التي هي العين إنما تستحق على آخر وهو صاحب المال، وقد قال هذا: لا أبيع منافعي منك إلا بكذا، وحط الآخر رب المال من ذلك. وإن
قال رب المال: اعملا على أن لي نصف الربح ولكل واحد منكما ربع الربح ولم يشترط عليهما أن يعملا معا، فعملا على أن فضل أحدهما الآخر ليكون لأحدهما ثلثا النصف وللآخر ثلثه، كانت الشركة فاسدة، وكان لكل واحد نصف ذلك ولا تراجع بينهما إذا كانا قد تساويا في العمل، وإن فضل أحدهما صاحبه بذلك الجزء بعد العمل على المساواة جاز وكانت هبة.
وإن قال صاحب المال: لي نصف الربح ولكما النصف، ثم اختلفا في قسمة ذلك الربح بينهما، وكان الذي يقارض به كل واحد منهما على الانفراد مختلفا لما يعلم من نفاذ أحدهما في التجارة وبصيرته وعجز الآخر، كان ذلك بينهما مفضوضا على ما يرى أنه يقارض به كل واحد بانفراده.
[ ص: 5243 ]