فصل في
مقارضة من لا يعرف الحلال والحرام
ولا يقارض من لا يعرف الحلال والحرام، ولا من يعرف ذلك ويعمل
[ ص: 5269 ] بالحرام، ولا من يعلم أنه إن تيسر له عمل به، وتفترق منزلة ذلك إذا فعل.
فأما من كان يجهل ويتجر فيما يدخل فيه الربى كالصرف وبيع الطعام فينبغي أن يتصدق بالفضل من غير جبر، إلا أن يعلم أنه عمل بذلك فيجبر على الصدقة بالفضل، وإن كان تجره بيع البر وما أشبهه وبياعاته على النقد ساغ له الربح، وإن خشي أن يكون تجره فيما لا يجوز بيعه ولا أخذ العوض عنه استحب الصدقة بجميع رأس المال والربح، وإن علم أن تجره كان فيه أجبر على الصدقة بجميع ذلك.
ولا يأخذ المسلم من النصراني قراضا; لأن فيه إذلالا له، فإن فعل وفات بالعمل مضى ولا يعطيه إياه، قال في "كتاب محمد": هذا متعرض لأكل الحرام ولا خير فيه وينقض.
ولا يساقي المسلم نفسه من نصراني؛ لأن فيه إذلالا، وهو في هذا الوجه أشد من القراض. وأرى أن يفسخ إن أدرك قبل العمل، فإن شرع في العمل لم يفسخ. ولو قيل: إنه يخرج قبل تمام العمل ويعطى أجره عن الماضي لكان وجها، وهذه ضرورة، وفسخه عقوبة عليهما إلا أن يأتي بنصراني أو يهودي يعمل مكانه فلا يفسخ; لأن المساقاة على الذمة.
ولو ساقى المسلم حائطه من نصراني لجاز إذا كان النصراني لا يعصر نصيبه منه
[ ص: 5270 ] خمرا، ويختلف إذا كان يعصره خمرا هل يفسخه أو يمضي؟
ويباع نصيب النصراني عليه إذا أتم العمل ولو لم ينظر في ذلك حتى أتم العمل لكان له المسمى; لأن الفساد في العقد، ثم يباع ذلك المسمى.
[ ص: 5271 ]