باب في
موت رب المال أو العامل
قال: وإن مات رب المال قبل العمل كان لورثته انتزاع المال، وليس للعامل إن علم بموته أن يتجر فيه إلا بإذنهم، فإن فعل (قبل) فخسر، ضمن، وسواء كان تجره لنفسه أو لهم، وإن ربح وكان تجره لهم كان الربح بينهم، وإن تجر لنفسه كان الربح له؛ لأنه محجور عليه بالموت.
ويختلف إذا اتجر بعد الموت وقبل العلم فخسر، هل يضمن لأنه أخطأ على مال غيره وهو للورثة، أو لا يضمن لأن له شبهة الإذن؟ وهو بمنزلة من اشترى سلعة فتصرف فيها بالبيع وغيره ثم استحقت، فلا شيء عليه على المشهور من المذهب.
وإن ربح كان الربح على القراض؛ لأنه تجر لهم، والورثة لا يختارون إذا كان فضل إلا الإجارة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في "المدونة": إذا اشترى بعد الموت وقبل العلم فهو على القراض. يريد في الربح والخسارة، إلا أن يعلم من العامل قلة الأمانة، فلا يصدق في التلف ولا في الخسارة إلا أن يأتي في ذلك بشبهة.
وإن
مات رب المال بعد العمل كان على أحد القولين في البيع، ويكون للورثة في ذلك مقال; لأن المال انتقل إليهم فلهم ألا يرضوا بمن كان رضي به الميت إذا كان غير مرضي. وإذا انتزع منه كان كموته فإن أتى بأمين يتولى ذلك حتى ينض وإلا أسلم إلى ورثته.
وفي "كتاب التفليس" ذكر غرماء رب المال وغرماء العامل إذا كان ببلد آخر إذا أرادوا المفاصلة في المال. وإن قال العامل للغرماء: أنا أضمن لكم مالكم وأقروه في
[ ص: 5313 ] يدي، فإن كان المال في عروض أو دين على الناس وكان ذلك لينض ويقضيهم وإن عجز أتم لهم جاز; لأنه لم يكن له أخذه من يديه، وضمانه تفضل منه. وكذلك إن ضمن المال الذي في يديه خاصة، وإن كان ضمانه ليتجر فيه في المستقبل وينميه لم يجز وكان ضمانه باطلا.
وسواء ضمن الدين أو المال الذي في يديه لأنه ضمان لمنفعة، والمنفعة بقاء المال لما يرجو من ربحه إلا أن يعلم أن غرضه التخفيف عن الميت، وأن يبرئ ذمته، فيجوز أن يقر في يديه ويلزمه الضمان.