فصل [في
وجوب القضاء وصفة القاضي]
إقامة الحكم للناس واجب; لأنه من مصالح الناس، وفيه رفع التهارج ورد المظالم، ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلى من كان واليا على بلد أن ينظر في أحكامهم إن كان لذلك أهلا، فإن لم يفعل أو لم يجد إلى ذلك سبيلا، أو لم يكن أهلا له، كان عليه أن يقيم للناس من ينظر في
[ ص: 5322 ] ذلك، فإن لم يكن في الموضع وال، كان ذلك إلى ذوي الرأي والثقة، فمن اجتمع رأيهم عليه أنه يصلح لذلك أقاموه،
والقضاء من فروض الكفاية، إذا كان بذلك البلد عدد يصلحون لذلك، فإن ولي أحدهم سقط عن الباقين، وإن لم يكن من يصلح لذلك إلا واحد تعين عليه، وأجبر على الدخول فيه.
ويولى القضاء من اجتمع فيه الدين والعلم، بما يحتاج إليه في ذلك من الكتاب والسنة والفروع، قوي البدن قوي الدين مطلعا على أقضية من مضى، غير مستكبر عن مطالعة من معه من أهل العلم، ورعا نزها عن ما في أيدي الناس، مستخفا بالأئمة غير هيوب، ذا غنى وأناة، حليما على الخصم، فإن نقص عن شيء من ذلك كان وصما فيه.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك -في كتاب ابن حبيب-: ولا أرى خصال القضاء تجتمع اليوم في واحد، فإن اجتمع منها خصلتان ولي: العلم والورع، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: فإن لم يكن، فالعقل والورع، فإنه بالعقل يسأل وبالورع يعف، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: فإن كان فقيرا أغني.
[ ص: 5323 ]
قال الشيخ:
ولا يولى غير عدل; لأن من لا تجوز شهادته لا يجوز قضاؤه.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ -في كتاب ابن حبيب- في رجلين أحدهما عدل لا علم عنده، والآخر عالم ليس مثل الآخر في العدالة-: فليول العالم إذا كان لا بأس بحاله، وإن كان غير مرضي ولي العدل، وأمر أن يجتهد ويستشير.
يريد أنه يستشير أهل العلم وإن كان عدلا.
[ ص: 5324 ]