صفحة جزء
باب في القاضي يقضي بقضية ثم يقر أنه تعمد فيها جورا أو أنه أخطأ

وقيل لابن القاسم -في القاضي يقول بعد الحكم بالرجم والقطع والضرب-: حكمت بجور. قال: قال مالك: ما تعمد الإمام من جور على الناس، فإنه يقاد منه. يريد لأنه كالجائر لمن أمره، وإن لم يباشر ذلك بنفسه، ويقتص من المأمور أيضا، إذا علم أنه حكم بجور، أو كان معروفا بذلك ولم يكشف عن صحة حكمه.

وقال أصبغ: إن كانت القضية بمال، غرم الحاكم للمحكوم عليه ما أهلك، وهو كإقرار الشاهد بعد الحكم بالزور، ويعاقب فيما أقر به من جور، ويعزل ولا يولى أبدا، ولا تقبل شهادته أبدا، وإن أحدث توبة كشاهد الزور.

وأرى إن كان الحاكم معدما، أن لا شيء للمحكوم عليه على المحكوم له; لأنه لا يصدق الحاكم أنه تعمد الجور، إلا أن يكون معروفا بذلك. ويختلف إذا أقر بالعمد بعد الحكم وقبل القصاص، أو قبل أن يؤخذ المال، إن كانت القضية بمال. [ ص: 5363 ]

فقال ابن الماجشون -في المجموعة-: إن أقر بجور وهو حاكم فله أن يرجع ما لم يفت. يريد ما لم يفت القصاص ولا أخذ المال.

وقد اختلف في هذا الأصل فقال ابن القاسم وأشهب -في البينة ترجع بعد الحكم وقبل القصاص، وقبل إقامة الحد-: ترد ولا يقتص لحرمة القتل والقطع، وسواء كان القطع في سرقة أو قصاص.

قال محمد: وإن كان بكرا أقيم عليه حد الزنا بخلاف الرجم، وعلى هذا يجري الجواب إذا رجع الحاكم.

واختلف هل من حق المحكوم له أن يتم له الحكم بذلك؟ يريد فإن كان القضاء بمال أمضى ولم يرد، بخلاف القتل والقطع، وهذا إذا كان ظاهره العدالة، وإن كان غير عدل لم يمض شيء من ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية