صفحة جزء
باب في إقرار الوارث والوصي

إقرار الوارث على أربعة أوجه: فإن كان عدلا رشيدا، جاز إقراره في نفسه وجازت شهادته على غيره فيحلف المقر له مع شهادته ويأخذ جميع حقه، وإن كان رشيدا غير عدل حلف المنكر من الورثة وبرئ. ثم يختلف في القدر الذي يغرمه المقر من الورثة، فقال مالك مرة : يغرم قدر ما ينوبه، وبه أخذ ابن القاسم ، وروى عنه أشهب أنه قال: يغرم جميع الدين إذا كان في نصيبه وفاء به ، وروى عنه أيضا أنه قال: يغرم قدر ما ينوبه مثل رواية ابن القاسم، وقال: أخاف إن أخذ بجميع الدين ألا يقر أحد، وهذا مثل ما قيل فيمن أقر بشهادة الزور أنه لا يعاقب خوف أن لا يقر أحد فأسقط ها هنا حق الله تعالى، وهناك حق لآدمي، وإن كان سعيها غير عدل سقط إقراره وشهادته.

واختلف عن مالك في قبول شهادته إذا كان سفيها عدلا ، وأرى أن تجوز ويحلف المشهود له، ويأخذ جميع دينه من الرشيد؛ لأنه إنما أخذ ذلك بشاهدة ويمين، ويكون الشاهد حينئذ بمنزلة أن لو كان غير وارث، وهذا [ ص: 5568 ] إذا أقر بدين، وإن أقر له بمعين بعبد أو ثوب كان له نصيب المقر وحده إذا نكل عن اليمين، أو كان المقر غير عدل، وهذا إذا لم يخلف الميت إلا عبدا أو أكثر ولا يحمل القسم.

واختلف إذا حمله القسم، فقيل: له نصيب المقر كالأول، وهو أيضا ظاهر قول ابن القاسم في كتاب الوصايا من المدونة؛ لأنه قال: إذا ترك الميت رقيقا كثيرا كان له من ذلك العبد قدر مورثه ، وقيل: إن لم يرض المنكر بتسليم نصيب المقر قسموا، فإن صار ذلك العبد للمنكر كان للمقر له أن يأخذ من المقر قدر ما زاده القسم لدخول ذلك العبد في المقاسمة، وإن صار ذلك العبد للمقر أخذه المقر له بغير شيء، وليس هو بمنزلة من افتدى عبدا من اللصوص؛ لأن الافتداء بالطوع، وهذا أجبر على دخوله في المقاسمة، فأشبه ما لو سلمه إليه الغاصب بالجبر وأخذ منه آخر على وجه المعاوضة.

التالي السابق


الخدمات العلمية