باب فيمن تحمل لرجلين فقضى الحميل أحدهما أو تحمل رجلان لرجل فقضى أحد الكفيلين
وإذا
تحمل رجل لرجلين بدين وهما شريكان فيه، فقضى الكفيل أحدهما في غيبة الآخر، ثم قدم الغائب كان له أن يأخذ من الحميل نصيبه من الدين.
واختلف هل له أن يأخذ من شريكه نصف ما قبض؟ وقد تقدم ذلك في كتاب الصلح.
وإن رفع الحاضر من الشريكين أمره إلى السلطان فكان الغريم معسرا والحميل موسرا لجميع الدين قضى للحاضر بنصيبه وترك نصيب الغائب بذمة الحميل، وإن كان الحميل موسرا بنصف دينهما أخذه السلطان فقضى لهذا بنصيبه ووقف نصيب الغائب على يد ثقة.
واختلف إذا لم يخرج نصيب الغائب ولم يوقفه، فأجاز ذلك ابن القاسم، وقال غيره: للغائب إذا قدم أن يدخل على شريكه. وأرى إذا كان حال الحميل قبل سفر الغائب ويوم قدم شريكه في الملاء سواء ولا يخشى تلف ما بقي في يده أن يبقى نصيب الغائب في ذمة الحميل حسب ما رضي به، وإن كان موسرا ثم انتقل حاله وخيف ذهاب ما في يده وقفه، ثم يختلف إذا لم يفعل هل يمضي للحاضر نصيبه؛ لأنه لم يقضه أكثر من حقه وإنما أخطأ على الغائب أو يكون جميع القضاء فاسدا، وقد تقدم القول في مثل ذلك في كتاب المديان في قضاء
[ ص: 5624 ] الورثة بعض الغرماء وأكلوا الباقي هل يفسد جميع القضاء أم لا؟ فإن قضى السلطان الحاضر جميع ما في يد الحميل كان القضاء فاسدا قولا واحدا؛ لأنهما شريكان، وقد كان من حقه أن يقسمه بينهما فلم يفعل.