صفحة جزء
[ ص: 5706 ] باب في اختلاف الراهن والمرتهن

وذلك في ثلاثة: في الدين، أو في الرهن، أو فيهما جميعا. الدين والرهن وجهان من غير اختلاف، وهو أن يتفقا على الرهن ويذهب عنهما ما رهن فيه، أو يتفقا على الدين ويهلك الرهن ويذهب عنهما صفته.

فإن اختلفا في الرهن، فقال المرتهن: هو في عشرة. وقال الراهن: هو في خمسة، وقيمة الرهن عشرة، كان القول قول المرتهن مع يمينه أنه في عشرة.

قال مالك: ويكون أحق به ليقبضه وحوزه إياه، فإن كانت قيمته خمسة، كان القول قول الراهن مع يمينه، وإن كانت قيمته فوق خمسة ودون عشرة، حلفا جميعا وكان رهنا في قدر قيمته .

واختلف في أربعة مواضع:

أحدها: إذا كانت قيمته عشرة وحلف المرتهن، هل يكون شاهدا على نفسه فيحبسه لا غير ذلك، أو يكون شاهدا على الذمة ويأخذ العشرة من المطلوب؟

والثاني: إذا كان شاهدا على نفسه وحلف المرتهن هل له أن يحلف الراهن؟

والثالث: إذا كان الرهن على يد عدل، هل يكون القول قول المرتهن إذا ادعى مثل قيمته أو قول الراهن.

والرابع: إذا كانت قيمته خمسة، هل يكون القول قول المرتهن أو الراهن؟ فقال محمد: إذا كانت قيمته عشرة، حلف المرتهن وحده وكان الرهن على يده أو على يد غيره ويكون له، ولا يجعله شاهدا على الذمة فيستحق منها ما حلف [ ص: 5707 ] عليه، فإن استحق الرهن أو ضاع ببينة أو ادعى هلاكه وهو حيوان، كان القول قول الراهن أنه لم يكن له إلا في خمسة؛ لأن حكم الرهن قد يسقط فيرجعان إلى ما يغرمه الراهن من ذمته، بمنزلة ما لم يكن فيه رهن؛ لأنه يشبه أن يرهن الرهن في مثل قيمته أو أقل أو أكثر، فجعل القول قول المرتهن لأجل الحوز، فإذا سقط الرهن رجع إلى قول الغريم.

وقال أبو محمد عبد الوهاب: العادة جارية أن الناس يرهنون ما يساوي ديونهم أو يقاربها لا ما لا يفي بها . فعلى قوله يكون شاهدا على الذمة وإن هلك الرهن أو استحق.

وقول محمد: يحلف المرتهن وحده استحسان؛ لأنه قادر على أن يبيع ذلك الرهن فيأخذ العشرة. وقيل: إذا حلف المرتهن أنه في عشرة، حلف الراهن أنه لم يرهنه في عشرة، ثم يسلم الرهن؛ لأن المرتهن يقول: لا أتكلف بيعه؛ لأنه يمكن أن يستحق أو يوجد به عيب، والقول الأول أحسن؛ لأن الاستحقاق نادر وليس عليه في تكليف البيع كبير مئونة، فكان ذلك أخف من أن يحمله على اليمين كاذبا على قول المرتهن.

قال أبو محمد عبد الوهاب: إذا كان على يد عدل، كان القول قول الراهن . [ ص: 5708 ]

وقول محمد: إن القول قول المرتهن وإن كان على يد غيره أصوب؛ لأنه إنما أخذ توثقة للدين، فلا فرق بين أن يكون على يده أو على يد غيره. وإن كانت قيمته خمسة، كان القول قول الراهن.

وفي العتبية: القول قول المرتهن ، وهذا من نحو ما تقدم أن الرهن لم يكن شاهدا على الذمة؛ لأنه يرهن في أقل من الدين وأكثر، ولا يسقط حق بشك، والمرتهن يقول: رضيت إن أخذه في عشرة، فإن كرهت أن تفتديه فدعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية