فصل [في أصناف الرهن]
الرهن خمسة أصناف:
فالأول: ما يجوز بيعه وملكه، فرهنه جائز على الإطلاق، كان شرطا في أصل العقد أو بعده. والثاني: ما يجوز ملكه ولا يجوز بيعه في بعض الأحوال لمكان الغرر، كالثمر قبل بدو صلاحه، والآبق، والبعير الشارد، والجنين في بطن أمه، وهذا يجوز رهنه في أصل القرض وبعد تقرره في الذمة ويجوز في البيع بعد العقد، واختلف في جوازه في أصل العقد.
والثالث: ما يجوز ملكه ولا يجوز بيعه وليس لمكان الغرر، كأم الولد، وجلود الميتة قبل دباغها، وعظام الفيل.
والرابع: ما لا يجوز ملكه، كالخمر، والسم وما أشبه ذلك، فهذان الصنفان لا يجوز رهنهما؛ لأن فائدة الرهن بيعه عند العجز عن الوفاء وهذه لا يجوز بيعها.
والخامس: ما اختلف في جواز بيعه، كجلود الميتة بعد الدباغ، وكجلود السباع قبل الدباغ وبعده، وكلب الماشية والصيد والزرع، فمن أجاز بيعها أجاز رهنها، ومن منع البيع منع الرهن.
ورهن منافع المدبر ورقبته مفترقة، فإن أرهن خدمته مدة معلومة يجوز بيعها ليؤاجر المرتهن تلك المدة، جاز في عقد البيع وبعده، وإن رهن جميع خدمته، جاز بعد العقد، ويختلف فيه إذا كان في العقد. وإن رهن رقبته على أنه إن مات الراهن ولا مال بيع له المدبر وكان في أصل العقد، كان على الخلاف
[ ص: 5735 ] في
رهن الغرر؛ لأنه لا يباع له الآن ولا يدري متى يموت السيد، ولا هل يحيا المدبر إلى موت السيد. وإن رهن رقبته الآن ليباع الآن، لم يجز.
ويختلف هل يعاد حقه في الخدمة ويباع له وقتا بعد وقت حسبما يجوز من بيعها؟
وقد اختلف فيمن
ارتهن دارا ثم ثبت أنها حبس، فقيل: لا شيء له من غلتها؛ لأنه إنما أرهنه الرقية . وقيل: يكون له ما يصح للراهن ملكه منها، وهي المنافع التي حبست عليه، وكذلك المدبر.
واختلف في
رهن الجنين، فمنعه في كتاب الصلح ، وأجازه ابن ميسرة، وهذا إذا كان في أصل عقد البيع.
واختلف إذا اشترط منفعة الرهن وكان مما يسرع إليه التغير، كالثياب والحيوان وقد تقدم.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في كتاب
محمد فيمن
باع سلعة بحميل على أنه إن مات المشتري أو الحميل فالحمالة ساقطة: فأجازه
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ .
وفي المدونة: إذا كانت الحمالة إلى خروج العطاء، لا بأس، وإن لم يكن المعطي معروفا إذا لم يكن في أصل البيع إنما هو سلف أو دين، أنظر به .
وإذا فسد البيع للغرر في الحمالة فسد لمثل ذلك في الرهن، فأجازه لأن الرهن والحمالة خارجان من الثمن والثمن معلوم، ووجه المنع؛ لأن البائع حط
[ ص: 5736 ] من الثمن لأجلها. ويجري فيه قول آخر: أنه إن رضي البائع بإسقاط الحمالة والرهن، جاز.