صفحة جزء
باب فيمن غصب ثوبا أو طعاما ثم وهبه

ومن غصب ثوبا فوهبه فلبسه الموهوب له فأبلاه، فإن اختلفت قيمته في هذه الحالات يوم الغصب والهبة واللباس، وكانت قيمته يوم الغصب عشرة، وهي أعلى القيم غرم الغاصب تلك القيمة وصحت الهبة، ولا تباعة له على الموهوب له.

وإن كانت القيمة يوم الهبة اثني عشر وأراد صاحبه أن يأخذ الغاصب بقيمته يوم الهبة لم يكن له ذلك على قول ابن القاسم في المدونة . وذلك له على قوله في الدمياطية: إذا قتل العبد وكانت قيمته يوم القتل أكثر ؛ لأن القتل تعد ثان، فله أن يأخذ بتلك القيمة وتمضي الهبة.

وإن كانت قيمته يوم اللباس خمسة عشر كان لصاحبها أن يأخذ تلك القيمة قولا واحدا، وهذا هو الأصل في كل من غصب سلعة فاستحقت وقد استهلكها غير الغاصب من مشتر أو موهوب له أن للمغصوب منه أن يأخذ قيمة ذلك ممن استهلكه، وإن كان الغاصب الواهب معسرا كان للمستحق أن يأخذ اللابس بقيمة الثوب يوم لبسه .

واختلف إذا كان الواهب موسرا على ثلاثة أقوال:

فقال ابن القاسم: يبدأ بالمسلط؛ لأنه غره، وقول غيره في كتاب [ ص: 5801 ] الاستحقاق يبدأ بالمنتفع .

وقول أشهب ومحمد: إنه بالخيار يبتدئ بأيهما أحب، وإن تساوت القيم كان له أن يبتدئ بالغاصب قولا واحدا؛ لأن هبة الغاصب الشيء المغصوب لا تسقط عنه المطالبة بحكم الغصب، وإن كان ذلك كان من حقه أن يقول: اغرم لي قيمة ما غصبتني يوم الغصب، وإن أحب أن يترك الغاصب، ويقوم على الموهوب له دخل الخلاف المتقدم، وإن كان المغصوب طعاما فأكله الموهوب له كان لصاحبه أن يغرم الغاصب قولا واحدا؛ لأن هبة الغاصب لا تسقط المطالبة بحكم الغصب.

وإن أحب أن يبتدئ بالموهوب له عاد إلى الخلاف، وإن كان الغاصب معسرا كان له أن يأخذ المستهلك قولا واحدا. [ ص: 5802 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية