صفحة جزء
فصل فيمن بعث رجلا يستعير له دابة إلى موضع فاستعارها إلى غير ذلك

ومن المدونة قال ابن القاسم: لو أن رجلا ركب دابتي إلى فلسطين، فقلت: أكريتها منك، فقال: أعرتنيها - كان القول قول صاحب الدابة إلا أن يكون مثله لا يكري كالرجل الشريف المنزلة والقدر والغنى .

وقال ابن كنانة في كتاب المدنيين: إن كان صاحب الدابة ممن يعرف بكراء الدواب ولذلك حبسها وهي بضاعته حلف وأخذ الكراء إذا ادعى ما يشبه أن يستأجر به وإن كان ممن لا يعرف بكراء الدواب ولا ذلك من عمله حلف الآخر أنها عارية ولا شيء عليه.

وقال ابن القاسم: فيمن استعار دابة ليحمل عليها وزنا مسمى فحمل عليه أكثر فعطبت أو حدث بها عيب فإن كانت الزيادة اليسيرة التي لا يعطب في مثلها غرم الكراء، وإن كانت مما يعطب في مثلها ضمن قيمتها إن شاء أو كراء الزائد ، وكذلك إذا أردف رديفا ينظر هل سلمت أو حدث [ ص: 6024 ] بها عيب من سبب الرديف أو من غيره.

ومخالفة المستعير ثلاثة في زيادة الحمل وفي زيادة المسافة، وفي تصرفها لغير الطريق الذي استعار إليه، فإن زاد في الحمل وسلمت غرم كراء الزائد خاصة، وكذلك إذا حدث عيب من غير سبب الزيادة أو هلكت من غير سببه فلا شيء عليه سوى كراء الزائد وإن كانت الزيادة سبب العيب كان عليه الأكثر من كراء الزائد أو قيمة العيب وإن هلكت منه كان عليه قيمتها ويحط من القيمة قيمة المنافع إذا كان يرى أنها تنقص من ذلك السفر وإلا لم يحط شيء وكذلك إن زاد رديفا لا شيء عليه سوى كراء الرديف إن سلمت أو حدث عيب من غير الرديف وإن كان الرديف سبب العيب كان على المستعير الأكثر من كراء الرديف أو قيمة العيب وإن هلكت منه كان عليه قيمتها.

وقال أشهب في مدونته: إن سلمت كان كراء الرديف على المستعير ولا شيء على الرديف وسواء كان المستعير موسرا أو معسرا، قال: وقد أخطأ من قال: يضمن الرديف إذا كان المستعير معسرا لأنهما جميعا أتلفا الدابة، قال: وإنما يكون ضمان الدابة على من تعدى وهذا لم يتعد . يريد أن الرديف لم يعلم فيكون بمنزلة من قتل خطأ وقد اختلف فيه وهذا إذا كان يرى أنها لا تهلك من الرديف فهلكت منه وإن كان يرى أنها تهلك إذا ركباها جميعا وكان المستعير [ ص: 6025 ] معسرا ضمن الرديف بمنزلة من قتل عمدا ثم يختلف هل تفض القيمة على قدر ثقلهما أو على نصفين؛ لأن قتلها كان من اجتماعهما ولو انفرد أحدهما لم تهلك، وأرى أن يضمن الرديف في الخطأ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء وأن تفض القيمة على قدرهما يريد ثقلهما . [ ص: 6026 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية