صفحة جزء
باب في آداب الأحداث

وينبغي لمن أراد الغائط أو البول أن يبعد عن الناس، وروى المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان إذا أتى حاجته أبعد في المذهب" . وروي عنه " أنه كان يرتاد لبوله مكانا كما يرتاد منزلا" .

ومحمل الحديث " أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم فبال قائما" ، : أن ذلك لضرورة; لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يغشاه الناس والوفود، ويقوم بأمر الأمة، فنزل به من ذلك ما يضر به الصبر إلى وصوله لبيته أو لا يستطيع إمساكه. وفي الترمذي: قالت عائشة - رضي الله عنها -: " من حدثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول قائما فلا تصدقوه" . وهذا يؤيد أن ذلك كان مخالفا لعادته لضرورة.

واستخف مالك أن يبول الرجل قائما إذا كان لا يتطاير عليه وكان مستترا عن الناس . [ ص: 63 ]

ولا يرفع الرجل ثوبه للحدث حتى يدنو من الأرض، ولا يبول في مهواة ولا في الماء الراكد، وقد تقدم وجه ذلك، ولا بأس به في الماء الجاري، ولا يتكلم على طوفه .

ويستحب أن يستعيذ بالله قبل التلبس بذلك إذا كان في صحراء، وإن كان في الحاضرة فقبل دخوله الخلاء، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أراد دخول الخلاء قال: " أعوذ بالله من الخبث والخبائث" .

قال الخطابي : أهل الحديث يقرءون " الخبث" بإسكان الباء والصواب بضمها جمع خبيث وهو الشيطان. ولا يمس ذكره بيمينه، ولا يستنجي ولا يستجمر بيمينه. واختلف إذا كان في شماله خاتم فيه اسم الله تعالى، هل يستنجي به وهو في يده.

وألا يفعل أحسن، لحديث أنس قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء نزع خاتمه" . ذكره الترمذي .

وفي الصحيحين: " أنه نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه" . فإذا نزهت [ ص: 64 ] اليمين عن ذلك فذكر الله أعظم، وقد كره مالك أن تعطى الدراهم فيها اسم الله تعالى ليهودي أو نصراني ، فهو في هذا أولى.

التالي السابق


الخدمات العلمية