صفحة جزء
فصل [في صفة الجنين الذي تجب بطرحه الدية]

الغرة تجب في الجنين ذكرا كان أو أنثى، طرح علقة أو مضغة، أو هو تام الخلق إلا أنه لم يستهل صارخا .

واختلف في سبعة أوجه من المسألة;

أحدها: إذا كان دما مجتمعا هل له حكم العلقة،

والثاني: إذا طرح حيا يتحرك أو عطس أو رضع ولم يستهل، هل تجب فيه الغرة أو الدية؟

والثالث: إذا استهل ثم مات بالحضرة، هل تجب فيه الدية بقسامة أو بغير قسامة؟

والرابع: هل يكون في عمده إذا استهل قصاص؟

والخامس: إذا خرج الجنين بعد موت الأم، هل تجب فيه الغرة أو لا يجب فيه شيء؟

والسادس: إذا وجبت في الجنين الغرة، هل تكون في مال الجاني أو تحملها العاقلة؟

والسابع: من يرث الغرة؟ الأبوان، أو الأم وحدها.

فأما الدم المجتمع، فقال مالك في المدونة: إذا كان علقة أو دما ففيه الغرة، [ ص: 6432 ] وتنقضي به العدة، وتكون به الأمة أم ولد .

وقال أشهب: لا شيء فيه إذا كان دما بخلاف كونه علقة .

وذهب مالك إلى أنه لا يكون له حكم الحي، إلا أن يستهل صارخا ، فإن تحرك أو عطس أو رضع، لم يكن له حكم الحي .

وقال ابن حبيب: وإن أقام يتنفس أو تحرك ويفتح عينيه حتى يسمع منه صوت وإن كان خفيا .

وقال إسماعيل القاضي: الحركة بغير استهلال بمنزلة الحركة التي تكون له في بطن أمه فلا يحكم له بحياة ولو حكم له بحياة لوجب له الميراث ووجبت فيه الدية .

وقال ابن وهب: الرضاع كالاستهلال بالصراخ .

وذكر ابن شعبان في الحركة والعطاس قولين هل يكون له حكم الحي [ ص: 6433 ] بالحركة وهذا راجع إلى القول بأن له حكم الحي بالحركة، وإن لم يستهل إلا أن يقول للطول تأثير بخلاف من مات بفور ذلك; لأنا نجد الشاة تذبح وتسلخ ويتحرك بفور السلخ بعض لحمها، وإذا كان ذلك أمكن أن يكون تقدم خروج نفسه في البطن، وبقيت هذه الحركة فلا تحمل على حكم الحياة بالشك، وكذلك الرضاع محمل الاختلاف على أنه مات بفور ذلك ولو طال ذلك ثم مات لكان له حكم الحي بغير خلاف على أن الرضاع أقوى من الحركة بانفرادها، والعطاس أضعفها فقد قيل: يمكن أن يكون ريحا انحصر ثم خرج تبعته حركة.

وقال ابن القاسم: إذا استهل صارخا ثم مات بالحضرة لم يستحق الدية إلا بقسامة، فإذا أقسموا استحقوا الدية في الخطأ والقصاص في العمد إذا ضرب بطنها.

وخالف أشهب في الوجهين وقال: إذا مات بالحضرة استحقوا الدية بغير قسامة والعمد والخطأ في ذلك سواء لهم الدية ولا قصاص في عمد ; لأن [ ص: 6434 ] موته بضرب غيره وديته على العاقلة في الخطأ والعمد، وسواء تعمد ضرب البطن أو غيره، وهذا أحسن أن لا قسامة في مثل ذلك; لأن محمله إذا مات بالحضرة أن ذلك عن الضربة، وأيضا فإنه لا علم عند القائم به أكثر من الظاهر وهو وغيره مما لا حق له في القيام به في العلم بذلك سواء ويسقط القصاص; لأن الضربة إذا كانت وهو في البطن بمنزلة من جرح معتقا إلى أجل فمات بعد انقضاء الأجل وبعد أن صار حرا، فقال ابن القاسم: لا قصاص فيه ; لأن الضربة كانت في حال الرق وفيه الدية ; لأن خروج النفس كان في حال الحرية، وكذلك هذه الضربة كانت وهو جنين في موضع فيه الغرة لو لم يخرج ولا قصاص في عمده حينئذ وفيه الدية كاملة; لأن خروج النفس كانت بعد خروجه من البطن.

وقال محمد : إن خرج حيا ولم يستهل حتى قتله رجل، قال: لا قود فيه على قاتله وليس فيه إلا دية جنين غرة عبد أو أمة ، وعلى قاتله [ ص: 6435 ] الأدب الوجيع، قال : وقال بعض العلماء لا قود فيه وفيه دية كاملة ، قال : يريد: على قاتله ; لأنه استعجله على الموت.

قال الشيخ: ولو طالت مدته وهو متحرك كان في عمده القصاص.

التالي السابق


الخدمات العلمية