صفحة جزء
باب في صلاة الخسوف

الصلاة عند خسوف الشمس والقمر سنة، والأصل في ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد خسفت الشمس: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة حتى تنجلي".

وصلاة خسوف الشمس: أربع ركعات يستفتح الصلاة فيقرأ ويركع، ثم يرفع فيقرأ ويركع، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيقرأ ويركع، ثم يرفع فيقرأ ويركع، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين ثم يسلم، ويطيل القراءة والركوع.

واختلف في أربعة مواضع:

أحدها: في الطول هل هو محدود أم لا؟

والثاني: في السجود هل هو مطول، أم على المعتاد في غيرها من الصلاة؟

والثالث: في قراءة الحمد في الثانية والرابعة.

الرابع: الجهر بالقراءة.

فقال مالك في المختصر: يطيل أول ركعة قدر سورة البقرة، وفي الثانية قدر سورة آل عمران، والثالثة: قدر سورة النساء، والرابعة: قدر سورة المائدة، ويمكث في الركوع في كل ركعة قدر قيامه فيها. وقال أبو محمد عبد الوهاب: يستحب تطويلها ما أمكن، ولم يضر بمن خلفه إن كان إماما، ولم يحد [ ص: 610 ] في ذلك حدا.

واختلفت الأحاديث في ذلك، فلم يرو في أكثرها حد في القيام، وروى ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام في الأولى نحوا من سورة البقرة، ثم دون ذلك. ولم يرو عنه -صلى الله عليه وسلم- في الركوع حد.

وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالصلاة حتى تنجلي لا أكثر من ذلك.

ومعلوم أن أمد الخسوف مختلف، يقرب مرة فلا تطال الصلاة، ويبعد مرة فتطال، ما لم يضر ذلك بالمصلين، فلا يكلفوا ما يضر بهم ويشق، فذا كان أو إماما أو مأمومين، ويرجع إلى الدعاء.

واختلف في السجود فقال ابن القاسم في المدونة: يطال. وقد قال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: لا يطال. [ ص: 611 ]

والأول أحسن; لحديث عائشة قالت: "ما سجدت سجودا قط كان أطول منه" أخرجه البخاري ومسلم، وهذا أيضا ما لم يضر بأحد، وليس صبر الناس على طول السجود سواء.

وقال مالك في المدونة: يستفتح كل ركعة بالحمد. وقال محمد بن مسلمة: ليس ذلك عليه في الثانية من الأوليين، ولا في الرابعة; لأن كل ركعتين مقام ركعة، وليس يقرأ في كل ركعة بسورة الحمد مرتين، والقول الأول أبين; لأن الركوع حال بين القراءتين، ولا فرق بين أن يحول بين القراءتين ركوع بانفراد، أو ركوع وسجود، وهو في الحقيقة مستأنف للقراءة.

وقال مالك: لا يجهر بالقراءة، ولو جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- لعرف ما قرأ، وذكر الترمذي عن مالك أنه قال: يجهر بالقراءة، وهو أحسن; للثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في البخاري ومسلم أنه جهر بالقراءة، وقياسا على غيرها من السنن التي يؤتى بها نهارا; الاستسقاء والعيدين. [ ص: 612 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية