صفحة جزء
فصل [في الاختلاف إذا أفطر بما لم يدخل من الفم]

واختلف إذا أفطر بما لم يدخل من الفم، فقال سحنون: لا كفارة عليه، قال: وإنما الكفارة فيما يتعمد إدخاله من الفم إلى الحلق، وقال أبو مصعب في السعوط وتقطير الدهن في الأذن والحقنة: إن وصل شيء من ذلك إلى الجوف عليه القضاء والكفارة، وإن وصل من العين فلا قضاء عليه.

يريد: لأنه منفذ لطيف، وهذا الخلاف إذا كان فاعل ذلك عالما بوصوله، وأن ذلك غير جائز له، فإن كان جاهلا يظن أن ذلك جائز لما لم يكن من الحلق عاد الجواب إلى ما تقدم من التأويل، فمضى أبو مصعب على الأصل في متعمد الفطر.

وذهب سحنون إلى أن الكفارة إنما وردت فيمن أتى من الجرم والانتهاك أعظم من هذا وهو الوطء، وألحق به الأكل والشرب المعتاد; لأنه بمثابته في الانتهاك، ولم يلحق به: من لزوم شروط الصوم من الإمساك عن الوطء والأكل والشرب، وأتى مثل ذلك من تقطيره في أذن وما أشبهه; لأن جرمهما مختلف، فلم يلحق بحكم الأعلى، وإلى هذا يرجع الاختلاف فيمن بيت الفطر ولم يأكل ولم يشرب حتى أمسى، فقال مالك وابن القاسم: عليه الكفارة، وقال أشهب: لا كفارة عليه، وذكر أبو الفرج عن مالك قولين: وجوب الكفارة، وسقوطها، فلزومها; لأنه متعمد للفطر غير متأول، [ ص: 796 ] وسقوطها; لأنه لم يجتزئ بالانتهاك بالأكل والشرب.

واختلف في الكفارة إذا ابتلع حصاة أو درهما - مع تسليم القول أنه مفطر، فأسقطت الكفارة في أحد القولين; لأن جرمه دون من انتهك صومه بالأكل والشرب، وإلى مثل هذا ذهب أبو حنيفة، والشافعي. وأوجب أبو حنيفة الكفارة إذا جامع في الفرج، وأسقطها إذا أصاب دون الفرج، أو أنزل عن القبل وإن تابع، أو ابتلع حصاة، وذكر عن الزهري والأوزاعي والثوري مثل ذلك.

وقال الشافعي: لا تجب الكفارة على من أكل متعمدا، ولا تجب فيما سوى الجماع الذي هو الإيلاج في قبل أو دبر.

التالي السابق


الخدمات العلمية