صفحة جزء
فصل [فيمن عجل زكاته قبل أن يقرب الحول]

ومن عجل زكاته لعام واحد ، أو لعامين ، أو في العام نفسه قبل أن يقرب الحول- لم تجزئه .

واختلف إذا قرب الحول ، فقال مالك في العتبية : لا تجزئه . قال : أرأيت الذي يصلي الظهر قبل الزوال ، والصبح قبل الفجر ، أليس يعيد ؟ وهذا مثله . وقال أشهب في كتاب ابن حبيب تجزئه .

واختلف بعد الحول إنها تجزئ إذا قرب الحول- في حد القرب ، فقال في [ ص: 943 ] كتاب محمد : إذا كان مثل اليوم واليومين ؛ أجزأه ، ولا يجزئه ما فوق ذلك .

وقال ابن حبيب : لا تجزئه إلا ما كان مثل الخمسة الأيام ، والعشرة لا أكثر من ذلك ، وقيل : تجزئه الخمسة عشر يوما . وقال ابن القاسم في المستخرجة : أرى الشهر قريبا ، ويجزئه .

فرأى في القول الأول : أنه شرع غير معلل علق بوقت ؛ فلا يجوز تقدمته عليه كالصلاة .

وفي القول الثاني : أنه شرع معلل ، وأن التأخير يتعلق به حق المالك ، وحق المساكين ، فإذا أخرجها عندما قرب من ذلك ؛ أجزأته .

وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجزئ وإن عجلت لعام أو لعامين .

وفي الترمذي قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : "استأذن العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك" وفي حديث آخر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إنا أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام" وقد أجاز أيضا في حديث أبي موسى تعجيل الكفارة قبل الحنث . وقال الليث : لا تجزئ إن [ ص: 944 ] عجلت قبل الوقت ؛ خوفا أن يعود المعطى موسرا عند الحول . وقد أجاز ابن القاسم للمعسر أن يكفر قبل الحنث بالصيام وإن كان موسرا يوم يحنث .

وهذا في زكاة العين ، ولا يصح في زكاة الحرث ؛ الزرع ، والثمار ؛ لأنها زكاة عما لم يملك بعد ، فلا يدري ما قدره . وتجوز في المواشي إذا لم تكن لهم سعاة على مثل ما يجوز في العين ، أو كان لهم سعاة على القول- أنها تجزئ إذا أخرجها قبل مجيء الساعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية