فصل [في تعريف الفقير والمسكين]
واختلف في الفقير والمسكين ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون :
الفقير الذي لا غنى له ، ويتعفف ولا يسأل ، والمسكين الذي لا غنى له ، وهو يسأل . وقال في المجموعة : الفقير الذي يحرم الرزق ، والمسكين الذي لا يجد غنى ، ولا يسأل ، ولا يفطن له .
[ ص: 987 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14883أبو محمد عبد الوهاب : الفقير الذي له الشيء اليسير الذي لا يكفيه ، والمسكين الذي لا يملك شيئا . وقيل عكسه : الفقير الذي لا شيء له ، والمسكين الذي له ما لا يكفيه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14009أبو القاسم ابن الجلاب : هما اسمان لمعنى واحد ، وهو من يملك شيئا يسيرا لا يكفيه ، ولا يقوم بمؤنته . واحتج من قال إن الفقير له شيء بقول الشاعر :
أما الفقير الذي كانت حلوبته . . . وفق العيال فلم يترك له سبد
وأما من قال : إنه الذي لا شيء له ؛ فلأن اشتقاق الفقير من فقار الظهر ، فكأنه بمنزلة من أصيب فقاره ، ومن أصيب في ذلك خشي عليه الموت .
واختلف في قوله -عز وجل- :
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف [البقرة : 273] ، فاحتج به من نفى عن الفقير السؤال ؛ لأنه يظن به أنه غني لتعففه عن المسألة ، وقد بلغ به الجهد والخصاصة حتى ظهرت عليه ، وعرفت في سيمته . وقيل فيها غير ذلك ، واحتج بها من قال : إنه يسأل ، لقوله تعالى :
لا يسألون الناس إلحافا [البقرة : 273] . يقول : إنه يسأل الناس ولا يلحف ، وليس كذلك ؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه يتعفف عن المسألة ، والمراد ؛ أنه لا يسأل ولا يلحف ؛ لأنه يصح أن يسمى :
[ ص: 988 ]
ملحفا إذا كان عنده شيء وإن لم يتكرر منه السؤال . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=886152 "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا" واستشهد من قال : المسكين يقع على من له شيء . بقوله -عز وجل- :
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر [الكهف : 79] ، فأثبت لهم سفينة وليس كذلك ، والمساكين ها هنا المسكنة وقلة المقدرة على الدفاع من ظلم ذلك الملك وهذا مثل قوله -عز وجل- :
وضربت عليهم الذلة والمسكنة [البقرة : 61] ، واحتج من قال لا شيء له بقوله -عز وجل- :
أو مسكينا ذا متربة [البلد : 16] ، وليس هذا أيضا بالبين ، وإنما وصف بأنه ذو متربة ؛ لأن ذلك نهاية ما يبلغه من الفقر ، وفيه دليل على أنه يكون مسكينا فوق هذه الصفة ، ولهذه خص من بين غيره ، فقيل :
ذا متربة .
واستشهد من نفى عنه السؤال بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651385 "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي ليس له غنى يغنيه ، ويستحي فلا يسأل الناس إلحافا" وهذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ومحمل هذا الحديث أنه ليس كغيره ممن بلغ به الحال ولا يسأل ، وليس لأنه لا يقع عليه اسم مسكين . وفي الترمذي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662971 "جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن المسكين ليقوم على بابي ، فما أجد له شيئا أعطيه إياه ، فقال : إن لم تجدي إلا ظلفا [ ص: 989 ] محرقا فادفعيه إليه" .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653205 "كان في بني إسرائيل ثلاثة : أبرص وأقرع وأعمى ، فبعث الله إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال له : أي شيء أحب إليك ؟ فقال له : لون حسن وجلد حسن ، فمسحه فذهب ما به ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا -الحديث بطوله ثم قال :- ثم أتى الملك للأبرص في صورته فقال : رجل مسكين ، تقطعت به الحبال في سفره ، ولا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن بعيرا أتبلغ به في سفري" ، ثم سمى نفسه للثاني والثالث مسكينا .
[ ص: 990 ]