صفحة جزء
باب زكاة البقر

الأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما من صاحب بقر لا يؤدي زكاتها ، إلا جاءت يوم القيامة ، أكثر ما كانت ، أقعد لها بقاع قرقر ، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها" أخرجه مسلم . وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : "في كل ثلاثين بقرة تبيع ، وفي كل أربعين مسنة" .

وللبقر نصابان : ثلاثون ، وأربعون ، وما دون الثلاثين وقص لا زكاة فيه . فإن بلغت ثلاثين كان فيها تبيع ، وفي أربعين مسنة ، وفي ستين تبيعان ، وفي سبعين تبيع ومسنة ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاث توابع ، وفي مائة تبيعان ومسنة ، وفي مائة وعشرة تبيع ومسنتان ، وفي عشرين ومائة تتفق الفريضتان أربع توابع أو ثلاث مسنات .

ويختلف إذا وجد فيها السنان جميعا أو عدما ، هل يكون الأمر في الوجه الذي يعد به ويزكى عليه من توابع أو مسنات إلى المصدق ، أو إلى صاحب البقر ، حسب ما تقدم في المائتين من الإبل ؟

واختلفت الأحاديث في السن التي تجب في الثلاثين . فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 1009 ] أنه قال : "في ثلاثين جذع" . وروي عنه أنه قال "فيه جذع أو جذعة" .

واختلفت الروايات على مثل ذلك في المذهب ، فقال في المدونة : فيها جذع . وقال في كتاب ابن حبيب : جذع ، أو جذعة . ولم تختلف الأحاديث والروايات أن الذكر يجزئ .

واختلف هل يؤخذ مع وجود الأنثى . فعلى القول : إن الإعطاء لصاحب المال- يلزم الساعي قبول الجذع مع وجود الجذعة . وعلى القول : إن الأمر للمصدق ، إن أخذ جذعة لم يكن لصاحب المال أن ينتزعها منه .

وإن لم يكن في البقر إلا جذع أخذه ، ولم يكن للمصدق أن يكلفه أن يأتي بأنثى . ويختلف إذا لم يكن فيها إلا أنثى ، فأراد المصدق أخذها ، وقال صاحب المال : أنا آتي بذكر . هل يكون القول قول المصدق ، أو قول المالك ؟ [ ص: 1010 ]

واختلف في سن الجذع ، فقال ابن حبيب : هو ابن سنتين ، وهو العجل الذي فطم عن أمه . وقال ابن نافع في المجموعة : هو ابن ثلاث سنين . والأول أصح وهو المعروف عند أهل اللغة .

واختلفت الأحاديث أيضا والروايات في السن الذي يؤخذ عن الأربعين ، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "فيها ثنية" ، وأنه قال : "فيها مسنة" . قال ابن حبيب وأبو محمد عبد الوهاب : المسنة بنت أربع سنين . هذا مع تسليمهم أن الجذع ابن سنتين ، والثنية بنت ثلاث سنين ، فإذا دخلت في الرابعة فهي رباع . وقال أبو إسحاق ابن شعبان : هي ابنة ثلاث سنين ، وأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الواجب فيها ثنية . وهو الصحيح ؛ لأنه حديث مفسر يقضي على المجمل في قوله : مسنة ؛ ولأنه اسم شامل للثنية والرباع ، ولا تؤخذ إلا أنثى . [ ص: 1011 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية