باب فى
زكاة الغنم
الأصل فيها قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651362 "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان ، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه ، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة ، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة ، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه . فوقت - صلى الله عليه وسلم - في الغنم أربعة نصب : أربعين ، وإحدى وعشرين ومائة ، ومائتين وواحدة ، ثم العدد بالمئين في كل مائة شاة ، وأوجب في النصاب شاة ، وفي النصابين شاتين .
ولم يأت بيان في سنها ولا في صفتها من طريق صحيح علمته . واختلف في ذلك على ثلاثة أقوال :
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب في المجموعة : يؤخذ الجذع والجذعة ، والثني والثنية ، والضأن والمعز في ذلك سواء . وهذا ظاهر المدونة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15003أبو الحسن ابن القصار : الواجب عندنا الإناث من الجذعة والثنية . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يجوز أن يؤخذ الجذع ، كما يجوز أن تؤخذ
[ ص: 1012 ] الثني ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=73888 "خذ الجذعة والثنية" .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب :
يؤخذ الجذع من الضأن فصاعدا ، وهو ابن سنة تامة والثنية ، من المعز ؛ وهما اللذان يجوزان في الأضاحي . ولا يجوز أن يكون ذكرا ؛ لأنه تيس ، وقد نهي عن أخذه إلا أن يكون تيسا من كرائم المعز ، فيلحق بالفحول ، فيؤخذ إن طاع به ربه .
والقول : إن الواجب جذعة أو ثنية من الضأن والمعز ، أحسنها ؛ لوجوه ثلاثة :
أحدها : أنه مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإن كان سنده ليس بالقوي .
والثاني : أنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، والأشبه أنه قال ذلك لما مضى عليه من العمل ؛ لأن زكاة الماشية مما تقدم العمل بها في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والثالث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب في
زكاة الإبل أربع أسنان كلها إناث : بنت مخاض ، وبنت لبون ، وحقة ، وجذعة ، ولم يجز فيها ذكر إلا ابن لبون عند عدم بنت مخاض ، فأجاز أن يؤخذ ذكر يزيد سنة عن الأنثى التي تجب في تلك الفريضة ، فيعلم أن المقصود من الزكاة الإناث ؛ ولأن الغالب فيما يكون في كسب الإنسان من الإبل والغنم الإناث . فوجب أن يخرج من الغالب في كسبه .
[ ص: 1013 ]
فأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب وقياسه الزكاة على الأضاحي فغير صحيح ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبان أن الأصلين مفترقان ، وأوجب الزكاة في أربع أسنان من الإبل ليس فيها شيء يجزئ في الأضاحي ، وأوجبها في البقر في سنين : أحدهما يجزئ في الأضاحي ، والآخر لا يجزئ ؛ فعلم بذلك أنهما أصلان لا يقاس أحدهما على الآخر .
وإذا كان الواجب جذعة أو ثنية ، فعلى القول : إن الأمر في الأخذ للمصدق ، يكون له أن يأخذ الثنية ويدع الجذعة . وعلى القول الآخر يكون فيه الأمر إلى صاحب الغنم ، فيدفع الجذعة ويمنع من الثنية وإن كره المصدق . وهذا إذا كانت الغنم مختلطة صغارا وكبارا وجيدة ورديئة ، فإنه يأخذ الجذعة والثنية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - : وذلك عدل بين غذاء الغنم وخيارها .
واختلف إذا كانت جنسا واحدا- خيارا كلها : ربى أو أكولة ، أو مواخض ، أو علوفة كلها ، أو فحولا ، أو دنية كلها عجافا ، أو ذوات عوار ، أو سخالا ، على أربعة أقوال : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة : إنها كالمختلطة ،
[ ص: 1014 ] ويأتي ربها بزكاتها من غيرها .
nindex.php?page=showalam&ids=17098ولمطرف في ثمانية
أبي زيد مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا كانت ربى ، أو مواخض ، أو أكولة ، أو سخالا ، أو فحولا ، أنه لا يؤخذ منها . وخالف إذا كانت عجافا كلها ، أو كانت ذات عوار ، أو تيوسا . فقال : يأخذ منها عجفاء ، أو ذات عوار ، أو تيسا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في الثمانية : يؤخذ منها وإن كانت ربى أو مواخض ، أو أكولة أو عجافا أو ذات عوار ؛ إلا أن تكون فيها جذعة أو ثنية ، ووافق إذا كانت سخالا أنه لا يأخذ منها .
وقال
محمد بن عبد الحكم في جميع هذه الأصناف التي تقدم ذكرها ، وفي السخال : لولا خلاف أصحابنا لكان بينا أن تؤخذ منها واحدة من أوسطها ، ولا يكون عليه ثنية ولا جذعة . قال : وقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر تؤخذ الجذعة والثنية ؛ لأنه العدل بين غذاء المال والخيار .
يريد : أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر خرج على ما يكون عليه الغنم في الغالب أنها خيار وشرار ، وكبار وصغار . فإن كانت غنما على خلاف المعتاد فكانت جنسا واحدا أخذ منها ، وأجريت على الأصل في زكاة الأموال أنها منها ، إلا ما ورد النص أنه من غيره ، وكانت كالتمور في أحد الأقوال : إن كانت جنسا واحدا أخذت زكاته منه ، وإن كانت أجناسا كانت من الوسط .
[ ص: 1015 ]
واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا كانت أغنام الناس كلها عجافا لجدب نزل بهم . فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عنه أنه قال : يؤخذ منها . وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب أنه قال : لا يؤخذ ، ولا يبعث السعاة سنة الجدب . وقال : لأنه يأخذ ما ليس له هناك ثمن ، وإن جلبه لم ينجلب . قال : وإنما ذلك نظر للمساكين ، وليس لأهل المواشي .
وأرى إذا كانت الغنم قريبة من العمران ، أو بعيدة ولها بالمكان الذي هي به ثمن ، جلبت هذه ، وبيعت هذه . وإن كانت على بعد ولا ثمن لها إن بيعت هناك تركت لقابل . وتكون الزكاة على تعليله معلقة بأعيان الماشية المزكاة ، لا في الذمة . فإن هلكت الغنم أو غصبت لم يكن على صاحب الغنم شيء . فإن هلك بعضها كان المساكين شركاء في الباقي بقدر الشاة .
واختلف
إذا كانت الغنم مختلطة جيادا ورديئة ، فأراد المصدق أن يأخذ ذات عوار ؛ لأنه أفضل للمساكين بغير رضا صاحب الماشية ، فأجاز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن [ ص: 1016 ] القاسم ، ومنعه
محمد إلا برضاه والأول أبين ؛ لأن الأصل في ترك ذوات العوار لم يكن لحق صاحب الماشية .
واختلف إذا ضربت فحول الظباء إناث الغنم فتوالدت ، هل تزكى سخالها ؟ وهل يتم بها النصاب . فأوجب ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15003أبو الحسن ابن القصار ، ومنعه
محمد بن عبد الحكم ، وسواء كان الولد شبيها بالأم أو بالفحل ، والأول أبين ، إذا كان الولد شبيها بالأم . ولا أعلمهم يختلفون لو ضربت فحول الغنم إناث الظباء ، أن سخالها لا تضاف إلى الفحول ، ولا يتم بها نصابها ؛ لأن الولد إنما يضاف في الزكاة إلى الأمهات ، وعلى حولها يجري .
[ ص: 1017 ]