صفحة جزء
باب في إفراد الحج والتمتع والقران

ومن المدونة قال مالك : إفراد الحج أحب إلي ، وقال أشهب : فإن لم يفرد فالقران أولى من التمتع ، إلا أن يكون قدومه وقد بقي بينه وبين الحج طول يشتد عليه القيام ، فالتمتع أولى من الإفراد .

قال الشيخ - رضي الله عنه - : التمتع أولى من الإفراد والقران إن لم يشتد ذلك عليه ؛ للحديث والقياس .

فأما الحديث فيه : قوله - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يكن معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة ، قالوا : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد . ثم قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" . اجتمع عليه البخاري ومسلم .

فتضمن الحديث ثلاثة أوجه :

أحدها : أمره - صلى الله عليه وسلم - أن ينتقلوا من غير التمتع إلى التمتع ، ومعلوم أنه لا [ ص: 1150 ] ينقلهم من أفضل إلى أدنى .

والثاني : أن إحرامه ومحله غير التمتع لم يكن بتوقيف من الله تعالى لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" ولا يقول ذلك فيما فعله بتوقيف من الله .

والثالث : أن إخباره أن هذا أفضل مما كان فيه ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" .

وأما القياس فإنه لا يختلف أن قربتين أفضل من واحدة ، وأن التمتع قد يقرب بقربتين ؛ لأن جميعهما مكتوب له ، وأن المفرد لم يأت إلا بقربة .

وبان بهذا أيضا : أن المتمتع أفضل من القارن ؛ لأن القارن لا يأتي إلا بعمل واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية